أنَّ حُكمَ الحاكم وإِن كان حُكمًا لله تعالى، فإِنه لا يُتصوَّر فيه الأحكامُ الخمسة، فإِنَّ مقصودَه إِنما هو سَدُّ باب الخصومات، وردُّ الظُّلامات (?). بل يُتصوَّر فيه ما يكون سببًا لذلك (?) وهو (?):
الوجوبُ، كالحكم بوجوب النفقة للمطلَّقةِ البائن عند مَنْ يراه.
والتحريمُ، كالقضاء بفسخ النكاح، فإِنَّ معناه إِبطالُ ما وقع مما يُتوهَّمُ أنه عَقْدٌ يُسبِّبُ الِإباحةَ (?)، وردُّ المرأة إِلى ما كانت عليه من التحريم.
والِإباحةُ، نحوُ القضاء بردِّ الأرضِ مُطلَقةً مَوَاتًا مُباحةً بعدَ زوالِ الإِحياء عند مالكِ ومَنْ يَرى رأيَه. وكذلك الصَّيْدُ والنَّحْلُ والحَمَامُ إِذا توحَّشَ ونحوُها فإِنها إِباحات.
وأما الندبُ والكراهةُ فإِنما يقَعُ من الحاكم على سبيل الفتوى لا على سبيل الحكم، نحوُ أمْرِهِ بالمُتعة للمطلَّقةِ - عند الحاكم المالكي - ونحوِها. فإِذا قال الحاكم: الأحسَنُ لكَ أن تفعلَ كذا (?)، أو يُكرَهُ لكَ أن تفعل كذا، فإِنما هو فتوى من الحاكم لا حُكمٌ يَدْرَأُ الخِصام.