وَالجَوَابُ عَنِ السُّؤَال الرَّابِعْ

أنَّ قولَ الحاكم: حَكمتُ بذلك، واشهَدوا عليَّ بأني حَكمتُ بذلك: ليس إِنشاءً للحكم في تلك الواقعة (?) كما تقدَّم (?).

وأمَّا قولُ الشاهد عند الحاكم: أشهَدُ بكذا عندك، وبه يُرَتِّبُ الحاكمُ على قولِه ثبوتَ الواقعة (?): فهذا إِنشاءٌ للشهادة عند الحاكم لا يَحتمِلُ التصديق والتكذيب، ولو كانَتْ خبرًا لما جاز أن يُرتَّبَ عليها حُكمٌ من جهة الحاكم في تلك الواقعة، لأنه وَعْدٌ من الشاهد حينئذٍ بأنه يَشهدُ في المستقبل عند الحاكم في تلك الواقعة، والوعدُ بالشهادة لا يَترتب عليه إِلزامُ المشهود به.

فظهر حينئذٍ أنَّ لفظَ أداءِ الشهادة إِنشاءٌ للشهادة، ولفظَ الحاكمِ في الإِشهاد أو الِإخبار وَكيفما تَصرَّفَ: ليس إِنشاءً للحُكم.

فظهرَ الفرقُ بينهما، وأن قولَ الِإنسان: بِعتُك كذا، أو اشتريتُ منك كذا، وأنتِ طالق، أو أنتَ حُرٌّ، ونحوَ ذلك: من بابِ أداءِ الشهادةِ لا مِن باب إِشهادِ الحاكم، لأنها ألفاظٌ مُنْشِئةٌ لمدلولاتِها وأسبابٌ لها كأداء الشهادة، بخلافِ لفظِ إِشهادِ الحاكم إِنما هو إِخبارٌ صِرْف، أو طلَبٌ لتحمُّلِ الشهادة كما تقدَّم تقريرُه، فظهر الفرق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015