والساهي والمخطئِ والمجنون والبهيمةِ وحركاتِ الرياح والسُّحبِ والسُّيول ونحوِ ذلك، فإن هذه الأفعال ليس لله تعالى فيها حُكم، ولا تَعلَّقَ بها خطابٌ يقتضي حُكماً ألبتة.

ومع ذلك فلكل مكلَّفِ أن يَجعل أيَّ ذلك شاء سبباً لطلاقِ امرأته، أو عتقِ عبده، أو إِيجاب حَجٍّ عليه، أو غيره من العبادات، بطريقِ واحدِ وهو التعليق، فدخولُ الدار مثلاً لم يَجعله الشرعُ في أصل الشريعة سبباً لطلاق امرأةِ أحدٍ ولا عِتقِ عبده، ومَنْ شاء جعَلَه سبباً لذلك.

فعمَّم صاحبُ الشرع في هذا الباب جميعَ الأشياء في المجعول سبباً، وخصَّص في الطريقِ المجعولِ به، فعيَّنَه في التعليق، وفي الباب الأوَّل خَصَّصَ فيهما، فعيَّن المجعول فيه في المندوب، وخصَّص الطريقَ بالنذر، فهذا الباب خاص، والأوَّلُ خاصٌّ وعامّ.

وإِذا تقرَّر أن الله تعالى جَعَل لكلِّ مكلَّف - وإِن كان عاميّاً جاهلًا - الإِنشاءَ في الشريعة لغير ضرورة، فأولى أن يَجعل الِإنشاءَ للحُكَام مع علمِهم وجلالتِهم (?) لضرورة دَرْءِ العِناد، ودفعِ الفساد، وإِخماد النائرةِ (?)، وإِبطال الخصومة. فهذان بابانِ مُؤنسانِ بل بطريقِ الأَولى كما ظهر لك.

وأمَّا الدليلُ على ذلك فهو الِإجماع من الأئمة قاطبةَ أنَّ حُكْمَ الله تعالى ما حَكَم به الحاكم في مسائل الإجتهاد كما تقدَّم (?)، وأنَّ ذلك الحكمَ يجبُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015