كيف يُمكنُ أن يقال: إِنَّ الله تعالى جعَل لأحدِ أن يُنشئ حُكماً على العِبَاد؟ وهل يُنشئُ الأحكام إِلَّا الله تعالى؟ فهل لذلك نظيرٌ وقع في الشريعة أو ما يُؤنِسُ هذا المكانَ ويُوضِّحه؟
جَوَابُهُ
لا غَرْوَ في ذلك ولا نكير (?)، بل الله تعالى قرَّرَ الواجباتِ والمندوباتِ والمحرَّماتِ والمكروهاتِ والمباحاتِ على لسان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وأَنزل الله سبحانه وتعالى عليه في كتابه الكريم: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} (?).
ومع ذلك قرَّر في أصل شريعته أنَّ للمكلَّف أن يُنشِئ الوجوبَ فيما ليس بواجب في أصل الشرع، فيَنْقُلَ أيَّ مندوبِ شاء فيَجعلَه واجبًا عليه. وخَصَّصَ ذلك بالمندوبات، وخَصَّص الطريقَ الناقلَ للمندوبات إِلى الواجبات بطريقِ واحدِ وهو النَّذْر. فالنَّذْرُ إِنشاءٌ للوجوب في المندوب.