دون الوقف، فإنَّها تتقى مباحة، وكذلك الصَّيدُ والنَّحْلُ والحَمَامُ البَرّيُّ - إِذا حيِزَ - ونحوُ ذلك إِذا حُكِمَ بزوالِ مِلكِ الحائز له أوَّلاً، فإنَّ هذه الصُّورَ كلَّها إِطلاقات، وإِن كان يَلْزمُها إِلزامُ المالكِ عدَمَ الإختصاص، لكن هذا بطريق اللزوم، والكلامُ إِنما هو في المقصودِ الأوَّلِ بالذات لا في اللوازم.
كما أنَّا نقول: المقصودُ الأوَّلُ من الأمرِ الوجوبُ وإِن كان يَلزمُه النَّهيُ عن الضدّ وتحريمُه، والمقصودُ الأوَّلُ من النَّهي التحريمُ وإِن كان يَلزمُه وجوبُ ضدٍّ من أضدادِ المنهيّ عنه. والكلامُ أبداً في الحقائقِ إِنما يقعُ فيما هو في الرتبة الأولى لا فيما بعدها.
وبسببِ الغفلة عن هذه القاعدة قال الكعبي (?): المباحُ واجبٌ؛ لأنه يُشتغَلُ به عن الحرام، وتَرْكُ الحرام واجب، فالمباحُ واجب. فجعَلَ الأحكامَ أربعة، وأسقَطَ الِإباحةَ نظرًا لما يَعرِضُ للمباح، وتَرَكَ مقتضاه في الرتبة الأولى.
والجمهورُ أثبتوا المباحَ بناءً على ما تقتضيه الحقائقُ في الرتبة الأُولى، ولولا ذلك لكان المندوبُ والمكروهُ واجِبَين، لأنهما قد يُشتغَلُ بهما عن المحرَّمات كما تقدم، ويكون الواجبُ مكروهاً لأنَّه قد يُشتغَل به عن مندوب، وترْكُ المندوبِ مكروه، ويكون الواجبُ أيضاً حرامًا لأنه قد يُشتغَل به عن واجب آخر، وتركُ الواجبِ حرام، فالواجبُ حرام!.
ويَتَّسعُ الخَرْقُ وتَتزلزلُ القواعد، ولا تَثبُتُ حقيقةٌ لحكمٍ! بل ما من