تعالى، عضو جماعة كبار العلماء في الجامع الأزهر، وأستاذ الدراسات العليا فيه، أوَّلاَ بواسطة الأخ الفاضل الأستاذ محمد فؤاد البَرَازي وفقه الله، وكان في حينها أحَدَ طلحة الشيخ وملازميه، فأجابني بما سيأتي، ثم راسلته ثانياً مباشرةً بيني وبينه، فأجابني بجواب آخر، وهذا نصُّ الجواب الأول منهما، الذكره تفضل به:
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا ومولانا محمد رسول الله خاتم الأنبياء والمرسلين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله وصحابته ومن تَبعَ هديَه إلى يوم الدين.
وبعد، فإلى تلميذنا الوفيّ الأستاذ الشيخ فؤاد البَرَازي، أكتب هذه الرسالة التي بَعَثَ بها إليَ، يَستفهم فيها عن سَلَب القتيل لمن يقتله، وذلك بتكليف له من شيخه العلامة المفضال الشيخ عبد الفتاح أبي غدة، الذي أراد أن يستوثق من قول الإمام القرافي المالكي في هذا الموضوع.
أقول وبالله التوفيق: إنَّ للإمام أو أميرِ الجيش أن يُرغب المقاتلين في القتال للعدو، فله أن يُنَفل بعضَهم للمصلحة، بشرط أن يهون هذا النَّفَل من خُمس الغنيمة لا من الأربعة الأخماس التي خُصِّصَتْ للمجاهدين، فله أن يقول - بعدَ انقضاء القتال -: من كان منكم قَتَل قتيلاَ فله سَلَبُه. وهو ما يُوجَدُ مع القتيل حالَ الحرب، من فرسه ودرعه وسيفه ورمحه ومِنطقتِهِ وما شابَة ذلك من السلبِ المعتاد، دون ما ينفردُ بعضُ العظماء من سِوارٍ وتاجٍ على القول المشهور في المذهب.
هذا، ولا يجوز للإمام قبلَ انقضاء القتال أن يقول: من قتَل قتيلاً فله سَلَبُه، لأنَّ ذلك قد يَصرفُ المقاتلين عن نيَّة الجهادِ في سبيل الله، فيصيرَ قتالُهُ لا ثواب فيه، وقيل: إن قول الإِمام ذلك قبلَ انقضاء القتال ممنوع، ولكنَّ المعتمد كراهةُ ذلك، لأنَّ القتال لأجل الغنيمةِ ليس حرامًا، بل خلافُ الأكمَل.
وقولُه ذلك (?) فيه تجوُّزٌ من الماضي إلى المستقبل، أي من يقتُل قتيلاً فله سَلَبَهُ،