فإِن تَرْكَ غيرِ الكتَّان لم يَقصِد (?) لإِخراجه من اليمين ولا لتبقيته، فبقي اللفظُ الصريحُ فيه سالمًا عن مُعارضة النية فيَحنَثُ به، فتكون هذه النية مؤكِّدةً للفظِ في بعض مدلوله دون كلِّ مدلوله، وليس فيها تخصيصٌ البتة.

وإِن قال: أخطرتُ ببالي غيرَ الكتَّان وأردتُ إِخراجه من اليمين عند الحلف. قلنا: هذه نيَّةٌ مُضادَّةٌ مخالفةٌ للفظ في بعض مدلوله، فهي مُخصِّصة، لأنَّ مِن شرطِ المخصَّصِ أو الناسخِ أن يكون منافيًا، فحينئذٍ لابُدَّ أن يقول الحالفُ في النيَّة المخصِّصة: نويتُ إِخراجَ كذا عن اليمين، ولا ينفعه قولُه: نويتُ ثيابَ الكتان، ولم يَذكر أنه قصَدَ إِخراجَ غير الكتان، فالمفيدُ قصدُ الإِخراجِ لا القصدُ إِلى بعض المدلول.

وأكثرُ الذين يُفتون إنما يقولون لمن يستفتيهم: أيَّ شيء أردتَ بقولك؟ فيقول لهم: أردتُ به كذا، فيُفتونه بأنه لا يَحنث بغيره، وهو غَلَط، بل لابُدَّ وَأن يقول (?): أردتُ إِخراجَ المعنى الفلاني من نيَّتي حتى تَتحقَّق نيَّةُ التخصيص.

فإِن قالوا: ما يُريد بقوله: أردتُ ثيابَ الكتان إِلَّا الله أرادَ إِخراجَ غيرِها. قلنا: هذا في غاية البعد، فإِنَّ الفرقَ بين المخصًص والمؤكِّد إِنما يفهمه خَوَاصُّ الفقهاء، فكيف يُدَّعَى على العوامّ البُلْهِ أنهم يريدونه بلفظٍ لم يوضع

طور بواسطة نورين ميديا © 2015