وإِذا لم تُفِد هذه الألفاظ هذه المعانيَ لغةً ولا عُرفًا، ولا نيَّةً، ولا بِساطًا، فهذه الأحكامُ حينئذٍ بلا مستنَد، والفُتيا بغيرِ مستنَد باطلةٌ إِجماعًا، وحرامٌ على قائلها ومعتقِدِها.
نعم، لفظةُ الحرام في عُرفنا اليوم لإِزالة العصمة خاصةً دون عَدَد (?)، وهي مشتهرةٌ في ذلك، بخلاف ما ذُكِرَ معها من الألفاظ، ومقتَضَى هذا أن يُفتَي بطلقةٍ رجعية ليس إِلَّا، ويُنوَّى في غيرها من الألفاظ التي ذُكِرتْ معها، فإِن لم يكن له نيَّةٌ ولا بِساط لم يلزمه شيء، لأنها من الكنايات الخفية على هذا التقدير.
لكنَّ أكثرَ الأصحابِ وأهل العصر لا يُساعدون على هذا وينكرونه. وأعتقدُ أنَّ ما هم عليه خلافُ إِجماعِ الأئمة، وهذا الكلامُ واضحٌ لمن تأمَّلَه بعقلٍ سليم، وحُسنِ نظرٍ سالمٍ من تعصُّباتِ المذاهب التي لا تليقُ بأخلاق المتَّقين لله تعالى.
والعجَبُ منهم أنهم إِذا قيل لهم: إِذا قال الرجل لامرأته: أنتِ طالق، يَفتقرُ إِلى نية؟ يقولون: لا، لأنه صريحٌ لغةً في إِزالة العصمة، لأنَّ الطاءَ واللام والقاف لِإزالة مُطلقِ القيد، ولذلك يقال: لفظٌ مُطلَق، وحلالٌ طِلْق، ووجهٌ طَلْق، وأُطلِقَ فلانٌ من الحَبْس، وانطلقَتْ بَطْنُه. وعَقْدُ النكاح أحَدُ أنواعِ القيد، فإِذا زال مُطلَقُ القيدِ زال قَيْدُ النكاح بالضرورة (?).
فيقال لهم: إِن قال لها: أنتِ مُنْطَلِقة، فيها جميعُ هذا؟ فلا يجدون