المذهبِ الثاني الذي هو أحَدُ المذاهب الصحيحة، لأنه لا سبيلَ إِلى تركِ التقليد في مسحِ الرأس في حقّ العامي، لأنه يُضطَرُّ إِليه في صلاته، والتقديرُ أنه لم يجده في مذهبه (?)، فيَتعيَّنُ عليه أحدُ الأمرين: إِما الجمعُ بين مذهبِه الذي كان عليه فيما عدا هذا الفرع وبين غيرِ مذهبه في هذا الفرع، أو ينتقلُ عن مذهبه الأول بالكلية إِلى مذهب آخر.

وهذه الصُّورةُ ينبغي أن يَتنبَّه لها كلُّ من يقول بالمنع من الإنتقالِ في المذاهب، ويقولُ باستثنائها عن قاعدتِه في عدمِ الإنتقال، فهي ضرورة وموضعُ حاجةِ لا انفكاكَ عنها.

فهذه صُورةُ ما يُفتي به المفتون في جميع المذاهب، تارةً تكون الفُتيا عامَّة، وتارةَ تكون خاصَّة، وتارةً تكون بضدّ ما عليه مذهبُ المفتي في نفسه.

ومن جَهِلَ هذا وهو يُفتي فقد جَهِلَ أمرًا عظيمًا يتعلَّقُ بمنصِب الفُتيا، ربما وقع في خلافِ الإِجماع في فتاويه وهو لا يَشعرُ إِذا عَرَضَ له مثلُ هذه الأمور الخفيَّة التي لا يكادُ يجدها في الكُتُب، فكم من علمٍ لا يوجد مسطورًا بفَصّه ونَصّه أبدًا (?)، ولا يُقدَرُ على نقله، وهو موجودٌ فيما نُصَّ من القواعد ضِمنًا على سبيل الاندراج، يتفطَّن لاندراجه آحادُ الفقهاءِ دون عامَّتِهم (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015