حُجَّة، وهو رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - فلو كان الراجمُ لماعزٍ مَنْ ليس فِعلُه حُجَّةً ما انتفعنا بروايته في ترتيب الأحكام العامة أصلًا.

وكونُ مِصرَ عَنْوَةً لم يُتصرَّف فيها بالوقفِ وإِبطالِ البيع: ليس ممن قولُه حُجَّةٌ ولا فِعلُه، بل إِنما وقع فتحُها في زمن الصحابة رضوان الله عليهم، ولم يَثبت أنهم صرَّحوا بامتناع البيع في خصوصها، ولو ثبَتَ ذلك كان حُجَّة.

وأما أنه لا يترتب عليه أحكام خاصة، فلأنَّا قد بينَّا أنّ روايةَ وقوعِ الأسباب لا تقتضي أن تترتَّب عليها الأحكامُ الجزئيةُ الخاصة بها، كما لا يُرجَمُ ماعزٌ برواية واحدٍ ونحوِه.

والمالكيَّةُ يُثبِتون بفتاويهم وأقضيةِ حُكَّامِهم نقضَ هذه العقود، وإِبطالَ هذه الحقوق بناءً على قولِ مالك: إِنها فُتِحَتْ عَنْوة، بل كان يَتعيَّنُ عليهم أن يقفوا حتى يَكمُلَ نصابُ الشهادة عندهم، أو يَثبُتَ أنَّ هذه الأحكام في هذه الأراضي، حكَمَ بها أو أَفتَى مَنْ قولُهُ أو فِعلُهُ حُجَّة مِن نَبيّ أو صحابي، وحينئذ كانوا يُقْدِمون على الفتاوى والأحكام في تلك الوقائع.

وليت شعري أيُّ فرقٍ بين قوله: فُتِحتْ الأرضُ الفلانية عَنْوةً وقهرًا؟ وبين قوله: فلانٌ قُتِلَ قهرًا وَعُدْوَانًا وعَمْدًا؟ وثَوْبُ فلانٍ أُخِذَ غصبًا؟ وهل ذلك كلُّه إِلَّا إِخبارٌ عن وقوع فِعلٍ من فاعلِ موصوفٍ بالقهر والغلبة؟

وتَراهم إِذا قال لهم مالك: فلانٌ قُتِلَ عمدًا يَقتصُّون مِن قاتِله بمجرَّدِ قوله، ويُرتّبون جميعَ تلك الأحكامِ المتعلقةِ بتلك الواقعة الجزئية، أوْ لا يُرتّبون تلك الأحكام ويُجرونه مُجرَى الشهادة؟ فإِن رَتَّبوا بِتِلكَ خَرَقُوا الإِجماع، وإِن أجروه مُجَرى الشهادة، ووَقَفُوا ترتيبَ تلك الأحكام على

طور بواسطة نورين ميديا © 2015