ولا نُصدّقُه ونعتبرُ روايتَه في ترتب الحكم في تلك الصورة الجزئية التي رواها، فلا نَرجمُ غيرَ ماعزِ بقوله (?)، ولا نَقطعُ غيرَ سارِقِ رِدَاءِ صفوان بقوله، وإِن كنا نَرجُمُ الزانيَ بتلك الرواية إِلى قيام الساعة، ونقطعُ (?) السارقَ إِلى قيام الساعة بقوله، فلا تَثبُتُ الأحكامُ أبداً (?) في غيرِ ذلك الجزئي الذي رواه إِلا بطريق الشهادةِ وتكميلِ النصاب منه مع غيره، فافهم هذا الموضعَ فهوَ مزَلَّة لكثير من الفقهاءِ.
ولهذا السرّ قال علماء الأصول: إِنما اشتُرِطَ العددُ في الشهادة دون الرواية؛ لأنَّ العداوة تُتوقَّعُ في الصُّوَر الجزئية، وقد لا يُعلَمُ بها، وكذلك أسبابُ التُّهَم، فاشتَرطَ الشرعُ مع الواحد آخَرَ لتَبْعُدَ مظِنَّةُ العداوةِ والتُّهمة (?). قالوا: وأما عداوةُ الخَلْقِ إِلى يوم القيامة فَتَبْعُدُ جداً، فلذلك اكتَفى صاحبُ الشرع بالعدلِ الواحد؛ لأنَّ ظاهر العدالةِ الصدق.
فظهر حينئذٍ أنَّا إِنما نُقلّد العلماءَ في الوقائع الجزئية إِذا رَوَوْها فيما يَتعلَّقُ بها من غير أحكامها الواقعة فيها، أما في أحكامِها المتعلّقة بها فلا نُقلدُهم أصلًا، بل راويها شاهدٌ من الشهود، فهو مُقلدٌ فيها من وجهٍ دون وجه كما تقدَّم (?).
إِذا تقررَ أنَّا لا نُقلدُ العلماءَ في وقوع الأسباب في ترتيب أحكامها