والمنافع حُكماً في نفسِها البتة.
نعم قد تكون حُكماً في غيرها، بأن تتوقَّفَ هذه التصرفات على إِبطالِ تصرفاتٍ متقدّمةِ على هذه التصرفات الواقعة من الحاكم الآن، كتزويجِها بعدَ أن تزوَّجتْ من غير هذا الزوج والحاكمُ يَعلمُ ذلك، أو بَيْعِ العين مِن رجلٍ بعد أن بِيعَتْ من رجل آخر والحاكمُ يَعلمُ ذلك، ونحوِ ذلك، فإِنَّ ثبوتَ هذه التصرفاتِ بهذه العقود يقتضي فَسْخَ تلك العقود السابقة ظاهراً.
النوع الثاني: إِثباتُ الصفات، نحوُ ثبوتِ العدالة عند حاكمٍ أو الجرحِ، أو أهليةِ الإِمامة للصلاة، أو أهليةِ الحضانة، أو أهلية الوصيَّة، ونحوِ ذلك.
فجميعُ إِثباتِ الصفات من هذا النوع ليس حكمًا، ولغيره من الحكام أن لا تقبلَ ذلك، ويَعتقدَ فِسقَه إِن ثبَتَ عنده سببُه، وتقبلَ ذلك المجروحَ إِن ثبَتَ عنده عدالتُه، وكذلك جميعُ هذه الصفات ليست بحكم البتة.
النوع الثالث: ثبوتُ أسباب المطالبات، نحوُ ثبوتِ مقدارِ قِيمة المُتلَفِ في المُتلفَات، وإِثبات الدُّيون على الغُرمَاء، وإِثباتِ النفقات للأقارب والزوجات، وإِثباتِ أُجرةِ المِثل في منافع الأعيان، ونحوِه.
فإِنَّ إثبات الحاكم لجميع هذه الأسباب ليس حُكماً، فلغيره من الحكام أن يُغيّر مقدارَ تلك الأجرةِ وتلك النفقةِ وغيرِها من الأسباب المقتضِيَةِ للمطالبة (?).