الذي أعتقه من أحاط الدينُ بماله مُبطِلٌ العِتقَ (?)، فإِنَّ إِقدامه على بيعه يَستلزمُ الحكمَ ببطلان العتق. وكذلك إِقدامُه على تزويج امرأة تزوَّجت قبل هذا العقد بنكاح: فسخٌ (?)، فإِنَّ نفس العقد عليها يَستلزم الحكم بفَسْخ نكاحِها المتقدم، بخلاف ما لو زَوَّج يتيمةً تحت حِجره، أو باع سِلعةً لها: لا يدلُّ ذلك على الحكم البتة لا بسابقٍ ولا لاحقٍ ولا مُقارِن، بل لغيره من الحكام أن يَنظر فيه إِن كان مختلَفاً في بعض شروطه عند الحاكمِ الثاني فله فسخُه.
وأما دلالةُ الفعل تضمناً: فلا توجد إِلَّا في الكتابة، فإِنها فِعلٌ، وإِذا كتَبَ لحاكمٍ آخر: أني قد أَعتقتُ هذين العبدين على المُعْتِق لبعضِهما، أو فسَختُ هذين النكاحين، فدلالةُ هذه الكتابة على الحكم فيهما مطابقةٌ، وعلى كل واحدٍ منهما تضمُّن، لأنه جزءُ مدلولِ الكتابةِ.
وأما الفعل الذي هو البيعُ ونحوُه فلا تتأتَّى فيه دلالةُ التضمُّن البتة، فإِنَّ الحكم لا يقع إِلَّا لازماً له، وجُزءُ اللازم لا يكون مدلولاً تضمّناً، إنما يكون مدلولاً تضمُّناً جزءُ المدلول مطابقةً، والبيعُ لا يَدلُّ مطابقةً بل التزاماً فقط، والكتابةُ وإن كانت فعلاً فهي كاللفظ تدلُّ مطابقة، فتُصورَتْ فيها دلالةُ التضمُّنِ.
فتأمَّلْ ذلك، وفَرقْ بين النوعين والدلالتين، ويُحتَمَلُ أن الكتابة تدلُّ بالوضع كاللفظ (?)، بخلاف البيع ونحوِه ليس دلالتُه بالوضع بل باللزوم الشرعي فقط.