للناس، كما وَرِثَ المفتي عنه - صلى الله عليه وسلم - الفُتْيا.
وكما ظهَرَ الفرقُ لنا بين المفتي والراوي، فكذلك يكون الفرقُ بين تبليغه - صلى الله عليه وسلم - عن رَبِّه وبين فتياه في الدين. والفرقُ هو الفرقُ بعينه، فلا يَلْزَمُ من الفُتيا: الروايةُ، ولا مِن الرواية: الفُتيا، من حيث هما روايةٌ وفُتيا.
وأما تصرُّفُه - صلى الله عليه وسلم - بالحُكم فهو مغايرٌ للرسالة والفُتيا. لأنَّ الفُتيا والرسالة تبليغٌ محضٌ واتِّباعٌ صِرْف، والحكمُ إِنشاءٌ وإِلزامٌ من قِبلَهِ - صلى الله عليه وسلم - بحسب ما يَسْنَح من الأسباب والحِجَاج، ولذلك قال - صلى الله عليه وسلم -: "إِنكم تختصمون إِلي، ولعلَّ بعضَكم أن يكون ألحنَ بحُجَّتِه من بعض؟ فمن قَضَيتُ له بشيء من حق أخيه فلا يأخذْه إِنما أقتطع له قطعةً من النار! " (?).