وَمَعْنَاهُ أَنَّ مَا ذَكَرْتُهُ مِنَ الْقِيَاسِ لَا يُمْكِنُ اعْتِبَارُهُ فِي بِنَاءِ الْحُكْمِ عَلَيْهِ لَا لِفَسَادٍ فِي وَضْعِ الْقِيَاسِ وَتَرْكِيبِهِ. (?) فَهُوَ فَاسِدُ الِاعْتِبَارِ لِعَدَمِ صِحَّةِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ مَعَ النَّصِّ الْمُخَالِفِ لَهُ.
وَقَدْ مَثَّلَ ذَلِكَ أَيْضًا (?) بِقِيَاسِ الْكَافِرِ عَلَى الْمُسْلِمِ فِي صِحَّةِ الطَّهَارَةِ، وَقِيَاسِ الصَّبِيِّ عَلَى الْبَالِغِ فِي إِيجَابِ الزَّكَاةِ مِنْ جِهَةِ ظُهُورِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، وَعَلَى هَذَا النَّحْوِ كُلُّ قِيَاسٍ ظَهَرَ الْفَارِقُ فِيهِ بَيْنِ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ.
وَأَقْرَبُ هَذِهِ الْأَمْثِلَةِ إِنَّمَا هُوَ الْمِثَالُ الْأَوَّلُ ; لِأَنَّهُ مَهْمَا ثَبَتَ أَنَّ الْقِيَاسَ مُخَالِفٌ لِلنَّصِّ كَانَ بَاطِلًا لِمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ (?) .
وَأَمَّا بَاقِي الْأَمْثِلَةِ فَحَاصِلُهَا يَرْجِعُ إِلَى إِبْدَاءِ الْفِرَقِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ، وَهُوَ سُؤَالٌ آخَرُ غَيْرُ سُؤَالِ فَسَادِ الِاعْتِبَارِ وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ.
وَجَوَابُهُ إِمَّا بِالطَّعْنِ فِي سَنَدِ النَّصِّ إِنْ أَمْكَنَ أَوْ بِمَنْعِ الظُّهُورِ أَوِ التَّأْوِيلِ أَوِ الْقَوْلِ بِالْمُوجَبِ أَوِ الْمُعَارَضَةِ بِنَصٍّ آخَرَ لِيَسْلَمَ لَهُ الْقِيَاسُ، أَوْ أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ الْقِيَاسَ مِنْ قَبِيلِ مَا يَجِبُ تَرْجِيحُهُ عَلَى النَّصِّ الْمُعَارِضِ لَهُ بِوَجْهٍ مِنْ وُجُوهِ التَّرْجِيحَاتِ الْمُسَاعِدَةِ لَهُ.