وَمِنْهَا قَوْلُهُ فِي الْهِرَّةِ: " «إِنَّهَا لَيْسَتْ بِنَجِسَةٍ إِنَّهَا مِنَ الطَّوَّافِينَ عَلَيْكُمْ وَالطَّوَّافَاتِ» " (?) .

وَقَوْلُهُ: " إِذَا «اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِ اللَّيْلِ، فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الْإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا، فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ» ".

وَقَوْلُهُ فِي الصَّيْدِ: " «فَإِنْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ فَلَا تَأْكُلْ مِنْهُ لَعَلَّ الْمَاءَ أَعَانَ عَلَى قَتْلِهِ» " (?) .

وَأَيْضًا قَوْلُهُ: " «أَنَا أَقْضِي بَيْنَكُمْ بِالرَّأْيِ فِيمَا لَمْ يَنْزِلْ فِيهِ وَحْيٌ» " (?) وَالرَّأْيُ إِنَّمَا هُوَ تَشْبِيهُ شَيْءٍ بِشَيْءٍ، وَذَلِكَ هُوَ الْقِيَاسُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْأَخْبَارِ الْمُخْتَلِفِ لَفْظُهَا الْمُتَّحِدِ مَعْنَاهَا النَّازِلِ جُمْلَتُهَا مَنْزِلَةَ التَّوَاتُرِ، وَإِنْ كَانَتْ آحَادُهَا آحَادًا.

فَإِنْ قِيلَ: أَمَّا حَدِيثُ مُعَاذٍ فَإِنَّهُ مُرْسَلٌ، وَخَبَرٌ وَاحِدٌ وَرَدَ فِي إِثْبَاتِ كَوْنِ الْقِيَاسِ حُجَّةً، وَهُوَ مِمَّا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَالْمُرْسَلُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَخَبَرُ الْوَاحِدِ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى لَيْسَ بِحُجَّةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ فَالْإِجْمَاعُ مِنَ الْفَرِيقَيْنِ عَلَى أَنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ.

وَالَّذِي يَدُلُّ عَلَى ضَعْفِهِ أَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ قَدْ وَلَّاهُ الْقَضَاءَ، وَذَلِكَ لَا يَكُونُ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ اشْتِمَالِ مُعَاذٍ عَلَى مَعْرِفَةِ مَا بِهِ يَقْضِي، فَالسُّؤَالُ عَمَّا عُلِمَ لَا مَعْنَى لَهُ.

وَأَيْضًا فَإِنَّهُ وَقَّفَ الْعَمَلَ بِالرَّأْيِ عَلَى عَدَمِ وِجْدَانِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَوَقَّفَ الْعَمَلَ بِالسُّنَّةِ عَلَى عَدَمِ وِجْدَانِ الْكِتَابِ.

وَالْأَوَّلُ عَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} ، وَعَلَى خِلَافِ قَوْلِهِ: {وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} (الْأَنْعَامِ 59) ، وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِ الدَّلِيلِ الدَّالِّ عَلَى جَوَازِ نَسْخِ الْكِتَابِ وَتَخْصِيصِهِ بِالسُّنَّةِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015