وَجَبَ أَنْ يَكُونَ عَامًّا بِمَعْنَاهُ ضَرُورَةَ انْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ عَلَى ذَلِكَ (?) .
وَبِتَقْدِيرِ أَنْ لَا يَكُونَ عَامًّا لَا بِلَفْظِهِ، فَهُوَ حُجَّةٌ عَلَى الْخُصُومِ فِي بَعْضِ صُوَرِ النِّزَاعِ، وَيَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ الْحُكْمُ فِي الْبَاقِي، ضَرُورَةَ أَنْ لَا قَائِلَ بِالتَّفْصِيلِ.
وَبِهَذَا الْجَوَابِ يَكُونُ الْجَوَابُ عَنْ قَوْلِهِمْ: إِنَّ الْأَمْرَ الْمُطْلَقَ لَا يَقْتَضِي الْفَوْرَ وَلَا التَّكْرَارَ.
وَعَنِ السُّؤَالِ الْأَخِيرِ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ ظَنِّيَّةٌ غَيْرَ قَطْعِيَّةٍ (?) .
وَأَمَّا مِنْ جِهَةِ السُّنَّةِ، فَمَا رُوِيَ «عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنَّهُ قَالَ لِمُعَاذٍ حِينَ بَعَثَهُ إِلَى الْيَمَنِ قَاضِيًا: " بِمَ تَحْكُمُ؟ قَالَ: بِكِتَابِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟ قَالَ: فَبِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ: فَإِنْ لَمْ تَجِدْ؟ قَالَ: أَجْتَهِدُ رَأْيِي " وَالنَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَقَرَّهُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ: " الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَفَّقَ رَسُولَ رَسُولِ اللَّهِ لِمَا يُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» (?) وَاجْتِهَادُ الرَّأْيِ لَا بُدَّ وَأَنْ يَكُونَ مَرْدُودًا إِلَى أَصْلٍ وَإِلَّا كَانَ مُرْسَلًا، وَالرَّأْيُ الْمُرْسَلُ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، وَذَلِكَ هُوَ الْقِيَاسُ.