وَأَنَّهُ لَمَّا سَمِعَ ابْنَ مَسْعُودٍ وَأُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ يَخْتَلِفَانِ فِي صَلَاةِ الرَّجُلِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ أَوِ الثَّوْبَيْنِ صَعِدَ الْمِنْبَرَ وَقَالَ: " رَجُلَانِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - اخْتَلَفَا، فَعَنْ أَيْ فُتْيَاكُمْ يَصْدُرُ الْمُسْلِمُونَ؟ لَا أَسْمَعُ اثْنَيْنِ يَخْتَلِفَانِ بَعْدَ مَقَامِي هَذَا إِلَّا فَعَلْتُ وَصَنَعْتُ "، وَقَالَ جَرِيرُ (?) . بْنُ كُلَيْبٍ: " رَأَيْتُ عُمَرَ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ وَعَلِيًّا يَأْمُرُ بِهَا، فَقُلْتُ إِنَّ بَيْنَكُمَا لَشَرًّا ".

وَكَتَبَ عَلِيٌّ إِلَى قُضَاتِهِ أَيَّامَ خِلَافَتِهِ: أَنِ اقْضُوا كَمَا كُنْتُمْ تَقْضُونَ، فَإِنِّي أَكْرَهُ الْخِلَافَ وَأَرْجُو أَنْ أَمُوتَ كَمَا مَاتَ أَصْحَابِي.

الثَّالِثُ: أَنَّهُ إِذَا اخْتَلَفَتِ الْأَقْيِسَةُ فِي نَظَرِ الْمُجْتَهِدِينَ، فَإِمَّا أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ كُلَّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ، فَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ وَنَقِيضُهُ حَقًّا، وَهُوَ مُحَالٌ، وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ بِأَنَّ الْمُصِيبَ وَاحِدٌ، وَهُوَ أَيْضًا مُحَالٌ، فَإِنَّهُ لَيْسَ تَصْوِيبُ أَحَدِ الظَّنَّيْنِ مَعَ اسْتِوَائِهِمَا دُونَ الْآخَرِ أَوْلَى مِنَ الْعَكْسِ.

الرَّابِعُ: قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «أُوتِيتُ جَوَامِعَ الْكَلِمِ وَاخْتُصِرَتْ لِيَ الْحِكْمَةُ اخْتِصَارًا» " (?) ، فَلَوْ كَانَ التَّنْصِيصُ مِنْهُ عَلَى الْأَشْيَاءِ السِّتَّةِ الرِّبَوِيَّةِ قَصْدًا لِقِيَاسِ مَا عَدَاهَا مِنَ الْمَطْعُومَاتِ عَلَيْهَا، مَعَ أَنَّهُ كَانَ قَادِرًا عَلَى مَا هُوَ أَصْرَحُ مِنْهُ، وَلِلْخِلَافِ وَالْجَهْلِ أَدْفَعُ وَهُوَ أَنْ يَقُولَ: " حَرَّمْتُ الرِّبَا فِي كُلِّ مَطْعُومٍ " لَكَانَ عُدُولًا مِنْهُ عَنِ الظَّاهِرِ الْمَفْهُومِ إِلَى الْخَفِيِّ الْمَوْهُومِ (?) وَهُوَ غَيْرُ لَائِقٍ بِفَصَاحَتِهِ وَحِكْمَتِهِ وَهُوَ خِلَافُ نَصِّهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015