وَذَهَبَ الْمُحَقِّقُونَ إِلَى كَوْنِهِ مَوْمَأً إِلَيْهِ وَهُوَ الْحَقُّ.

وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا كَانَ اللَّفْظُ بِصَرِيحِهِ يَدُلُّ عَلَى الْوَصْفِ وَهُوَ الْحِلُّ، وَالصِّحَّةُ لَازِمَةٌ لَهُ لِمَا تَقَرَّرَ، فَإِثْبَاتُ الْحِلِّ وَضْعًا يَدُلُّ عَلَى إِرَادَةِ ثُبُوتِ الصِّحَّةِ ضَرُورَةَ كَوْنِهَا لَازِمَةً لِلْحِلِّ فَيَكُونُ ثَابِتًا بِإِثْبَاتِ الشَّارِعِ لَهُ مَعَ وَصْفِ الْحِلِّ، وَإِثْبَاتُ الشَّارِعِ لِلْحُكْمِ مُقْتَرِنًا بِذِكْرِ وَصْفٍ مُنَاسِبٍ دَلِيلُ الْإِيمَاءِ إِلَى الْوَصْفِ، كَمَا لَوْ ذَكَرَ مَعَهُ الْحُكْمَ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ وَضْعًا ضَرُورَةَ تَسَاوِيهِمَا فِي الثُّبُوتِ، وَإِنِ اخْتَلَفَا فِي طَرِيقِ الثُّبُوتِ بِأَنْ كَانَ أَحَدُهُمَا ثَابِتًا بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ وَضْعًا، وَالْآخِرِ مُسْتَنْبَطًا مِنْ مَدْلُولِ اللَّفْظِ وَضْعًا ; لِأَنَّ الْإِيمَاءَ إِنَّمَا كَانَ مُسْتَفَادًا عِنْدَ ذِكْرِ الْحُكْمِ وَالْوَصْفِ بِطَرِيقِ الْوَضْعِ مِنْ جِهَةِ اقْتِرَانِ الْحُكْمِ بِالْوَصْفِ لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِ الْحُكْمِ ثَابِتًا بِطَرِيقِ الْوَضْعِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إِذَا كَانَ الْحُكْمُ مَدْلُولًا عَلَيْهِ وَضْعًا وَالْوَصْفُ مُسْتَنْبَطٌ مِنْهُ، وَذَلِكَ لِأَنَّ الْوَصْفَ الْمُسْتَنْبَطَ مِنَ الْحُكْمِ الْمُصَرَّحِ بِهِ كَمَا فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ لَمْ يَكُنْ وُجُودُهُ لَازِمًا مِنَ الْحُكْمِ الْمُصَرَّحِ بِهِ، وَلَا مُنَاسَبَتُهُ لِتَحَقُّقِهِ قَبْلَ شَرْعِ الْحُكْمِ بِخِلَافِ الصِّحَّةِ مَعَ الْحِلِّ كَمَا تَقَدَّمَ تَحْقِيقُهُ.

وَالْمُعْتَبَرُ فِي الْإِيمَاءِ أَنْ يَكُونَ الْوَصْفُ الْمُومَأُ إِلَيْهِ مَذْكُورًا فِي كَلَامِ الشَّارِعِ مَعَ الْحُكْمِ أَوْ لَازِمًا مِنْ مَدْلُولِ كَلَامِهِ (?) ، وَالْأَمْرَانِ مَفْقُودَانِ فِي الْوَصْفِ الْمُسْتَنْبَطِ بِخِلَافِ الْحِلِّ مَعَ الصِّحَّةِ. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015