إِلَّا مِثْلًا بِمِثْلٍ» ) (?) فَإِنَّهُ وَإِنْ كَانَ دَلِيلًا عَلَى كَوْنِ الطُّعْمِ عِلَّةً بِالْإِيمَاءِ، فَهُوَ دَلِيلٌ عَلَى تَحْرِيمِ الرِّبَا فِي الْفَوَاكِهِ بِعُمُومِهِ.

وَرُبَّمَا كَانَ الدَّلِيلُ الدَّالُّ عَلَى الْعِلَّةِ مُتَنَاوِلًا لِحُكْمِ الْفَرْعِ بِخُصُوصِهِ دُونَ حُكْمِ الْأَصْلِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ الْحَنَفِيُّ فِي مَسْأَلَةِ الْخَارِجِ مِنْ غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ (خَارِجٌ نَجِسٌ) فَيَنْقُضُ الْوُضُوءَ كَالْخَارِجِ مِنَ السَّبِيلَيْنِ، ثُمَّ دَلَّ عَلَى كَوْنِ الْخَارِجِ النَّجِسِ عِلَّةً لِلنَّقْضِ بِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: ( «مَنْ قَاءَ أَوْ رَعَفَ أَوْ أَمْذَى فَلْيَتَوَضَّأْ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ» ) (?) فَإِنَّ الْقَيْءَ وَالرُّعَافَ وَالْمَذْيَ مِنْ حَيْثُ هُوَ خَارِجٌ نَجِسٌ مُنَاسِبٌ لِنَقْضِ الْوُضُوءِ، فَتَرْتِيبُ الْحُكْمِ عَلَيْهِ فِي كَلَامِ الشَّارِعِ يَدُلُّ عَلَى التَّعْلِيلِ بِهِ، كَمَا يَأْتِي فِي طُرُقِ إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ، وَلَكِنَّهُ مَعَ ذَلِكَ مُتَنَاوِلٌ لِإِثْبَاتِ حُكْمِ الْفَرْعِ بِخُصُوصِهِ دُونَ حُكْمِ الْأَصْلِ.

وَإِنَّمَا شَرَطُوا امْتِنَاعَ ذَلِكَ مَصِيرًا مِنْهُمْ إِلَى أَنَّهُ إِذَا كَانَ دَلِيلُ الْعِلَّةِ يَسْتَقِلُّ بِالدَّلَالَةِ عَلَى الْحُكْمِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ فَالِاسْتِدْلَالُ بِالْعِلَّةِ عَلَى الْحُكْمِ عَلَى وَجْهٍ لَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِهَا بِدَلِيلٍ يَسْتَقِلُّ بِإِثْبَاتِ الْحُكْمِ الْمُتَنَازَعِ فِيهِ يَكُونُ تَطْوِيلًا بِلَا فَائِدَةٍ فَلْيَعْدِلْ إِلَيْهِ أَوَّلًا.

وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: الِاسْتِدْلَالُ بِالْعِلَّةِ الْمُثْبَتَةِ بِالنَّصِّ الْمُتَنَاوِلِ لِحُكْمِ الْفَرْعِ، وَإِنْ أَفْضَى إِلَى التَّطْوِيلِ فَحَاصِلُهُ يَرْجِعُ إِلَى مُنَاقَشَةٍ جَدَلِيَّةٍ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِمَّا يَقْدَحُ فِي صِحَّةِ الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ، وَلَا يَكُونُ قَادِحًا فِي الْمَقْصُودِ، وَقَدْ يَنْقَدِحُ عَنْهُ جَوَابٌ آخَرُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ، وَهُوَ عِنْدَمَا إِذَا كَانَ الْعَامُّ الدَّالُّ عَلَى حُكْمِ الْفَرْعِ قَدْ خُصَّ فِي صُورَةٍ، وَكَانَ الْمُسْتَدِلُّ مِمَّنْ يَرَى أَنَّ الْعَامَّ بَعْدَ التَّخْصِيصِ لَا يَبْقَى حُجَّةً إِلَّا فِي أَقَلِّ الْجَمْعِ فَلَهُ أَنْ يَقُولَ: إِنَّمَا لَمْ أَتَمَسَّكْ بِعُمُومِ النَّصِّ فِي إِثْبَاتِ حُكْمِ الْفَرْعِ ; لِعَدَمِ مُسَاعَدَةِ الدَّلِيلِ عَلَى إِدْرَاجِ الْفَرْعِ فِيهِ، وَذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنَ التَّمَسُّكِ بِهِ فِي إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ وَلَوْ فِي صُورَةٍ وَاحِدَةٍ، وَمَهْمَا كَانَ كَذَلِكَ، لَزِمَ إِثْبَاتُ الْحُكْمِ بِتِلْكَ الْعِلَّةِ فِي أَيِّ صُورَةٍ وُجِدَتْ، وَلِذَلِكَ وَقَعَ التَّمَسُّكُ بِهِ فِي إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ دُونَ الْحُكْمِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015