السَّابِعُ: قَالُوا: الْعِلَّةُ فِي الْقِيَاسِ طَرِيقٌ إِلَى إِثْبَاتِ الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ، فَإِذَا وُجِدَتِ الْعِلَّةُ فِي نَوْعَيْنِ امْتَنَعَ أَنْ تَكُونَ طَرِيقًا إِلَى الْعِلْمِ بِحُكْمِ أَحَدِهِمَا دُونَ الْآخَرِ كَمَا فِي الْإِدْرَاكَاتِ وَالْأَدِلَّةِ الْعَقْلِيَّةِ.

الثَّامِنُ: قَالُوا: لَوْ جَازَ وُجُودُ الْعِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ فِي فُرُوعٍ يَثْبُتُ الْحُكْمُ مَعَهَا فِي الْبَعْضِ دُونَ الْبَعْضِ لَمْ يَكُنِ الْبَعْضُ بِالْإِثْبَاتِ أَوْلَى مِنَ الْبَعْضِ الْآخَرِ.

وَمَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ دَلِيلِ الِانْتِقَاضِ فِي الصُّورَةِ الْأَخِيرَةِ مُعَارَضٌ مِنْ أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: (?) الْأَوَّلُ: إِجْمَاعُ الصَّحَابَةِ عَلَى ذَلِكَ، وَدَلِيلُهُ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: هَذَا حُكْمٌ مَعْدُولٌ بِهِ عَنْ سُنَنِ الْقِيَاسِ (?) وَاشْتُهِرَ ذَلِكَ فِيمَا بَيْنَ الصَّحَابَةِ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ فَصَارَ إِجْمَاعًا.

الثَّانِي: أَنَّ الْعِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ أَمَارَةٌ عَلَى الْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ وَوُجُودُهَا فِي مَوْضِعٍ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ لَا يُخْرِجُهَا عَنْ كَوْنِهَا أَمَارَةٌ، فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ شَرْطِ كَوْنِ الْأَمَارَةِ أَمَارَةً عَلَى شَيْءٍ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ الشَّيْءُ مُلَازِمًا لَهَا دَائِمًا، بِدَلِيلِ وُجُودِ جَمِيعِ الْأَمَارَاتِ الشَّرْعِيَّةِ عَلَى إِثْبَاتِ الْأَحْكَامِ وَإِنْ لَمْ تَكُنِ الْأَحْكَامُ مُلَازِمَةً لَهَا قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ، وَبِدَلِيلِ الْغَيْمِ الرَّطْبِ فَإِنَّهُ أَمَارَةٌ عَلَى وُجُودِ الْمَطَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الْمَطَرُ مُلَازِمًا لَهُ، وَلِذَلِكَ فَإِنَّ وُقُوفَ مَرْكُوبِ الْقَاضِي عَلَى بَابِ الْمَلِكِ أَمَارَةٌ عَلَى كَوْنِهِ فِي دَارِ الْمَلِكِ، وَلَا يَخْرُجُ فِي ذَلِكَ عَنْ كَوْنِهِ أَمَارَةً لِوُجُودِهِ (?) فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَالْقَاضِي غَيْرُ مَوْجُودٍ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015