وَيَشْتَمِلُ عَلَى مُقَدِّمَةٍ وَخَمْسَةِ أَبْوَابٍ.
أَمَّا الْمُقَدِّمَةُ فَفِي تَحْقِيقِ مَعْنَى الْقِيَاسِ وَبَيَانِ أَرْكَانِهِ.
أَمَّا الْقِيَاسُ فَهُوَ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنِ التَّقْدِيرِ، وَمِنْهُ يُقَالُ: قِسْتُ الْأَرْضَ بِالْقَصَبَةِ وَقِسْتُ الثَّوْبَ بِالذِّرَاعِ أَيْ قَدَّرْتُهُ بِذَلِكَ.
وَهُوَ يَسْتَدْعِي أَمْرَيْنِ يُضَافُ أَحَدُهُمَا إِلَى الْآخَرِ بِالْمُسَاوَاةِ، فَهُوَ نِسْبَةٌ وَإِضَافَةٌ بَيْنَ شَيْئَيْنِ، وَلِهَذَا يُقَالُ: فُلَانٌ يُقَاسُ بِفُلَانٍ وَلَا يُقَاسُ بِفُلَانٍ أَيْ يُسَاوِيهِ وَلَا يُسَاوِيهِ.
وَأَمَّا فِي اصْطِلَاحِ الْأُصُولِيِّينَ فَهُوَ مُنْقَسِمٌ إِلَى قِيَاسِ الْعَكْسِ وَقِيَاسِ الطَّرْدِ.
أَمَّا قِيَاسُ الْعَكْسِ فَعِبَارَةٌ عَنْ تَحْصِيلِ نَقِيضِ حُكْمٍ مَعْلُومٍ مَا فِي غَيْرِهِ ; لِافْتِرَاقِهِمَا (?) فِي عِلَّةِ الْحُكْمِ، وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قِيلَ: لَوْ لَمْ يَكُنِ الصَّوْمُ شَرْطًا فِي الِاعْتِكَافِ لَمَا كَانَ شَرْطًا لَهُ عِنْدَ نَذْرِهِ أَنْ يَعْتَكِفَ صَائِمًا، كَالصَّلَاةِ فَإِنَّ الصَّلَاةَ لَمَّا لَمْ تَكُنْ شَرْطًا فِي الِاعْتِكَافِ لَمْ تَكُنْ مِنْ شَرْطِهِ إِذَا نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا، فَالْأَصْلُ هُوَ الصَّلَاةُ وَالْفَرْعُ هُوَ الصَّوْمُ، وَحُكْمُ الصَّلَاةِ أَنَّهَا لَيْسَتْ شَرْطًا فِي الِاعْتِكَافِ، وَالثَّابِتُ فِي الصَّوْمِ نَقِيضُهُ، وَهُوَ أَنَّهُ شَرْطٌ فِي الِاعْتِكَافِ وَقَدِ افْتَرَقَا فِي الْعِلَّةِ (?) لِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي لِأَجْلِهَا لَمْ تَكُنِ الصَّلَاةُ شَرْطًا فِي الِاعْتِكَافِ أَنَّهَا لَمْ تَكُنْ شَرْطًا فِيهِ حَالَةَ النَّذْرِ، وَهَذِهِ الْعِلَّةُ غَيْرُ مَوْجُودَةٍ فِي الصَّوْمِ ; لِأَنَّهُ شَرْطٌ فِي الِاعْتِكَافِ حَالَةَ النَّذْرِ إِجْمَاعًا. (?)