دَلِيلٌ عَلَى الْخِطَابِ الدَّالِّ عَلَى ارْتِفَاعِ الْحُكْمِ لَا أَنَّ نَفْسَ الْفِعْلِ هُوَ الدَّالُّ عَلَى الِارْتِفَاعِ.

وَأَمَّا الْإِشْكَالُ بِالْإِجْمَاعِ فَفِيهِ جَوَابَانِ:

الْأَوَّلُ: أَنَّهُ مَهْمَا اجْتَمَعَتِ الْأُمَّةُ عَلَى تَسْوِيغِ الْخِلَافِ فِي حُكْمِ مَسْأَلَةٍ مُعَيَّنَةٍ، وَكَانَ إِجْمَاعُهُمْ قَاطِعًا فَلَا نُسَلِّمُ تَصَوُّرَ إِجْمَاعِهِمْ عَلَى مُنَاقَضَةِ مَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ أَوَّلًا لِيَصِحَّ مَا قِيلَ.

الثَّانِي: أَنَّهُ وَإِنْ صَحَّ ذَلِكَ فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْحُكْمَ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا مُسْتَنِدٌ إِلَى قَوْلِ أَهْلِ الْإِجْمَاعِ، وَإِنَّمَا هُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى الدَّلِيلِ السَّمْعِيِّ الْمُوجِبِ لِإِجْمَاعِهِمْ عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ.

وَعَلَى هَذَا، فَيَكُونُ إِجْمَاعُهُمْ دَلِيلًا عَلَى وُجُودِ الْخِطَابِ الَّذِي هُوَ النَّسْخُ لَا أَنَّ خِطَابَهُمْ نَسْخٌ.

وَمَا وَعَدُوا بِهِ فِي الْوَجْهِ الثَّالِثِ فَسَيَأْتِي الْجَوَابُ عَنْهُ أَيْضًا.

وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الزِّيَادَاتِ فَهِيَ غَيْرُ مُخِلَّةٍ بِصِحَّةِ الْحَدِّ، وَفَائِدَتُهَا الْمَيْزُ بَيْنَ النَّسْخِ وَالصُّوَرِ الْمَذْكُورَةِ مُبَالَغَةً فِي تَحْصِيلِ الْفَائِدَةِ.

وَمَعَ ذَلِكَ فَالْمُخْتَارُ فِي تَحْدِيدِهِ أَنْ يُقَالَ: النَّسْخُ عِبَارَةٌ عَنْ خِطَابِ الشَّارِعِ الْمَانِعِ مِنِ اسْتِمْرَارِ مَا ثَبَتَ مِنْ حُكْمِ خِطَابٍ شَرْعِيٍّ سَابِقٍ.

وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ مِنَ الِاحْتِرَازِ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى التَّقْيِيدِ بِالتَّرَاخِي، وَلَا بِقَوْلِنَا (لَوْلَاهُ لَكَانَ مُسْتَمِرًّا ثَابِتًا) لِمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ. (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015