وَشُرُوطُهُ أَنْ يَكُونَ النَّاظِرُ الْمُتَأَوِّلُ أَهْلًا لِذَلِكَ، وَأَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ قَابِلًا لِتَّأْوِيلِ بِأَنْ يَكُونَ اللَّفْظُ ظَاهِرًا فِيمَا صُرِفَ عَنْهُ مُحْتَمِلًا لِمَا صُرِفَ إِلَيْهِ، وَأَنْ يَكُونَ الدَّلِيلُ الصَّارِفُ لِلَّفْظِ عَنْ مَدْلُولِهِ الظَّاهِرِ رَاجِحًا عَلَى ظُهُورِ اللَّفْظِ فِي مَدْلُولِهِ لِيَتَحَقَّقَ صَرْفُهُ عَنْهُ إِلَى غَيْرِهِ، وَإِلَّا فَبِتَقْدِيرِ أَنْ يَكُونَ مَرْجُوحًا لَا يَكُونُ صَارِفًا وَلَا مَعْمُولًا بِهِ اتِّفَاقًا، وَإِنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِظُهُورِ اللَّفْظِ فِي الدَّلَالَةِ مِنْ غَيْرِ تَرْجِيحٍ، فَغَايَتُهُ إِيجَابُ التَّرَدُّدِ بَيْنَ الِاحْتِمَالَيْنِ عَلَى السَّوِيَّةِ، وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ تَأْوِيلًا غَيْرَ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِذَلِكَ مِنَ الْمُعْتَرِضِ إِذَا كَانَ قَصْدُهُ إِيقَافَ دَلَالَةِ الْمُسْتَدِلِّ، وَلَا يُكْتَفَى بِهِ مِنَ الْمُسْتَدِلِّ دُونَ ظُهُورِهِ، وَعَلَى حَسَبِ قُوَّةِ الظُّهُورِ وَضَعْفِهِ وَتَوَسُّطِهِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ التَّأْوِيلُ.

وَتَمَامُ كَشْفِ ذَلِكَ بِمَسَائِلَ ثَمَانٍ:

[الْمَسْأَلَةُ الأولى قَوْلُهُ عليه السلام لِغَيْلَانَ وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ]

الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى

«قَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِغَيْلَانَ وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى عَشْرِ نِسْوَةٍ: " أَمْسِكْ أَرْبَعًا وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ» " (?) «وَقَوْلُهُ لِفَيْرُوزٍ الدَّيْلَمِيِّ، وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى أُخْتَيْنِ: " أَمْسِكْ أَيَّتَهُمَا شِئْتَ، وَفَارِقِ الْأُخْرَى» " (?) أَمْرٌ بِالْإِمْسَاكِ وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي اسْتِصْحَابِ النِّكَاحِ، وَقَدْ تَأَوَّلَهُ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ بِثَلَاثِ تَأْوِيلَاتٍ، الْأَوَّلُ: أَنَّهُمْ قَالُوا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَرَادَ بِالْإِمْسَاكِ ابْتِدَاءَ النِّكَاحِ، وَيَكُونُ مَعْنَى قَوْلِهِ " أَمْسِكْ أَرْبَعًا " أَيِ انْكِحْ مِنْهُنَّ أَرْبَعًا، وَأَرَادَ بِقَوْلِهِ " وَفَارِقْ سَائِرَهُنَّ " لَا تَنْكِحْهُنَّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015