وَرُوِيَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّهُ قَرَنَ فَطَافَ طَوَافَيْنِ، وَسَعَى سَعْيَيْنِ» (?) فَلَا يَخْلُو: إِمَّا أَنْ يُعْرَفَ تَقَدُّمُ أَحَدِهِمَا أَوْ يُجْهَلَ، فَإِنْ عُلِمَ التَّقَدُّمُ قَالَ أَبُو الْحُسَيْنِ: الْمُتَقَدِّمُ هُوَ الْبَيَانُ.

فَإِنْ تَقَدَّمَ الْفِعْلُ كَانَ الطَّوَافُ الثَّانِي وَاجِبًا.

وَإِنْ تَقَدَّمَ الْقَوْلُ كَانَ الطَّوَافُ الثَّانِي غَيْرَ وَاجِبٍ، وَلَيْسَ بِحَقٍّ، بَلِ الْحَقُّ أَنْ يُقَالَ: إِنْ كَانَ الْقَوْلُ مُتَقَدِّمًا فَالطَّوَافُ الثَّانِي غَيْرُ وَاجِبٍ، وَفِعْلُ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَهُ يَجِبُ أَنْ يُحْمَلَ عَلَى كَوْنِهِ مَنْدُوبًا، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ فِعْلُهُ لَهُ دَلِيلَ الْوُجُوبِ، كَانَ نَاسِخًا لِمَا دَلَّ عَلَيْهِ الْقَوْلُ.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْجَمْعَ أَوْلَى مِنَ التَّعْطِيلِ، وَفِعْلُهُ لِلطَّوَافِ الْأَوَّلِ يَكُونُ تَأْكِيدًا لِلْقَوْلِ، وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ مُتَقَدِّمًا، فَهُوَ وَإِنْ دَلَّ عَلَى وُجُوبِ الطَّوَافِ الثَّانِي إِلَّا أَنَّ الْقَوْلَ بَعْدَهُ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ وُجُوبِهِ، وَالْقَوْلُ بِإِهْمَالِ دَلَالَةِ الْقَوْلِ مُمْتَنِعٌ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ نَاسِخًا لِوُجُوبِ الطَّوَافِ الثَّانِي الَّذِي دَلَّ عَلَيْهِ الْفِعْلُ، أَوْ أَنْ يُحْمَلَ فِعْلُهُ عَلَى بَيَانِ وُجُوبِ الطَّوَافِ الثَّانِي فِي حَقِّهِ دُونَ أُمَّتِهِ، وَأَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ عَلَى بَيَانِ وُجُوبِ الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي فِي حَقِّ أُمَّتِهِ دُونَهُ، وَالْأَشْبَهُ إِنَّمَا هُوَ الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ، لِمَا فِيهِ مِنَ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَيَانَيْنِ مِنْ غَيْرِ نَسْخٍ وَلَا تَعْطِيلٍ. (?) وَأَمَّا إِنْ جُهِلَ الْمُتَقَدِّمُ مِنْهُمَا، فَالْأَوْلَى إِنَّمَا هُوَ تَقْدِيرُ تَقَدُّمِ الْقَوْلِ وَجَعْلُهُ بَيَانًا لِوَجْهَيْنِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015