فَإِنْ قِيلَ: لَوْ كَانَ كَمَا ذَكَرْتُمُوهُ لَارْتَفَعَ عَنْهُ الضَّمَانُ لِكَوْنِهِ مِنْ جُمْلَةِ الْمُؤَاخَذَاتِ وَالْعُقُوبَاتِ.
قُلْنَا: عَنْهُ جَوَابَانِ: الْأَوَّلُ: أَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الضَّمَانَ مِنْ حَيْثُ هُوَ ضَمَانٌ عُقُوبَةٌ، وَلِهَذَا يَجِبُ فِي مَالِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ، وَلَيْسَا أَهْلًا لِلْعُقُوبَةِ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْمُضْطَرِّ فِي الْمَخْمَصَةِ إِذَا أَكَلَ مَالَ غَيْرِهِ، مَعَ أَنَّ الْأَكْلَ وَاجِبٌ عَلَيْهِ حِفْظًا لِنَفْسِهِ، وَالْوَاجِبُ لَا عُقُوبَةَ عَلَى فِعْلِهِ، وَكَذَلِكَ يَجِبُ الضَّمَانُ عَلَى مَنْ رَمَى إِلَى صَفِّ الْكُفَّارِ فَأَصَابَ مُسْلِمًا، مَعَ أَنَّهُ مَأْمُورٌ بِالرَّمْيِ، وَهُوَ مُثَابٌ عَلَيْهِ.
الثَّانِي: وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ عِقَابٌ، لَكِنَّ غَايَتَهُ لُزُومُ تَخْصِيصِ عُمُومِ اللَّفْظِ الدَّالِّ عَلَى نَفْيِ كُلِّ عِقَابٍ، وَذَلِكَ أَسْهَلُ مِنَ الْقَوْلِ بِالْإِجْمَالِ.
الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ
اخْتَلَفُوا فِي قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " «لَا صَلَاةَ إِلَّا بِطَهُورٍ» " (?) ، " «وَلَا صَلَاةَ إِلَّا بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ» " (?) ، " «وَلَا صِيَامَ لِمَنْ لَمْ يُبَيِّتِ الصِّيَامَ مِنَ اللَّيْلِ» " (?) ، " «وَلَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ» " (?) وَنَحْوُهُ.