الِالْتِزَامِ، وَكَمَا أَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمُشْتَرَكِ بِدَلَالَةِ التَّضَمُّنِ أَوِ الِالْتِزَامِ فَتَدُلُّ عَلَى الْجَمْعِ الْمُطْلَقِ هَذِهِ الدَّلَالَةُ، وَعِنْدَ ذَلِكَ فَلَيْسَ إِخْلَاءُ التَّرْتِيبِ الْمُشْتَرَكِ عَنْ لَفْظٍ يُطَابِقُهُ أَوْلَى مِنْ إِخْلَاءِ الْجَمْعِ الْمُطْلَقِ.
وَعَلَى السَّابِعِ: أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ إِنَّمَا يَلْزَمُ أَنْ لَوْ كَانَتْ (الْوَاوُ) جَارِيَةً مَجْرَى (وَاوِ) الْجَمْعِ وَ (يَاءِ) التَّثْنِيَةِ مُطْلَقًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ ; لِأَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْ كَوْنِهَا جَارِيَةً مَجْرَاهُمَا فِي مُطْلَقِ الْجَمْعِ مَعَ كَوْنِهَا مُخْتَصَّةً بِالتَّرْتِيبِ، كَمَا فِي (الْفَاءِ) وَ (ثُمَّ) .
وَعَلَى الثَّامِنِ: أَنَّهُ كَمَا أَنَّ الْجَمْعَ الْمُطْلَقَ مَعْقُولٌ وَلَا بُدَّ لَهُ مَنْ حَرْفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، فَالتَّرْتِيبُ الْمُطْلَقُ أَيْضًا مَعْقُولٌ وَلَا بُدَّ لَهُ مَنْ حَرْفٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَلَيْسَ مَا يُفِيدُهُ بِالْإِجْمَاعِ سِوَى (الْوَاوُ) فَتَعَيَّنَ، كَيْفَ وَإِنَّ الْجَمْعَ الْمُطْلَقَ حَاصِلٌ بِقَوْلِهِ: (رَأَيْتُ زَيْدًا، رَأَيْتُ عَمْرًا) .
وَعَلَى التَّاسِعِ: أَنَّ مَا ذَكَرُوهُ مُنْتَقِضٌ بِثُمَّ وَبَعْدَ.
وَأَمَّا الْمُثْبِتُونَ لِلتَّرْتِيبِ، فَقَدِ احْتَجُّوا بِالنَّقْلِ، وَالْحُكْمِ، وَالْمَعْنَى.
أَمَّا النَّقْلُ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} فَإِنَّهُ مُقْتَضٍ لِلتَّرْتِيبِ.
وَأَيْضًا مَا رُوِيَ أَنَّهُ لَمَّا نَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ} قَالَ الصَّحَابَةُ لِلنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (بِمَ نَبْدَأُ) قَالَ: ( «ابْدَؤُوا بِمَا بَدَأَ اللَّهُ بِهِ» ) (?) وَلَوْلَا أَنَّ (الْوَاوَ) لِلتَّرْتِيبِ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ.
وَأَيْضًا مَا رُوِيَ «أَنَّ وَاحِدًا قَامَ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ وَقَالَ: (مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدِ اهْتَدَى وَمَنْ عَصَاهُمَا فَقَدْ غَوَى) فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (بِئْسَ خَطِيبُ الْقَوْمِ أَنْتَ، قُلْ: وَمَنْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ غَوَى) » (?) وَلَوْ كَانَتْ (الْوَاوُ) لِلْجَمْعِ الْمُطْلَقِ لَمَا وَقَعَ الْفَرْقُ.