وَأُمُّ هَذِهِ الصِّيَغِ (إِنِ) الشَّرْطِيَّةُ؛ لِأَنَّهَا حَرْفٌ، وَمَا عَدَاهَا مِنْ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ أَسْمَاءٌ.
وَالْأَصْلُ فِي إِفَادَةِ الْمَعَانِي لِلْأَسْمَاءِ إِنَّمَا هُوَ الْحُرُوفُ (?) وَلِأَنَّهَا تُسْتَعْمَلُ فِي جَمِيعِ صُوَرِ الشَّرْطِ بِخِلَافِ أَخَوَاتِهَا، فَإِنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهَا تَخْتَصُّ بِمَعْنًى لَا تَجْرِي فِي غَيْرِهِ، (فَمَنْ) لِمَنْ يَعْقِلُ، وَ (مَا) لِمَا لَا يَعْقِلُ، وَ (إِذَا) لِمَا لَا بُدَّ مِنْ وُقُوعِهِ كَقَوْلِكَ: إِذَا احْمَرَّ الْبُسْرُ فَأْتِنَا وَنَحْوُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا أَحْكَامُهُ: فَمِنْهَا أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ الْكَلَامِ مَا لَوْلَاهُ لَدَخَلَ فِيهِ، وَذَلِكَ ضَرْبَانِ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَخْرُجَ مِنْهُ مَا عَلِمْنَا خُرُوجَهُ بِدَلِيلٍ آخَرَ كَقَوْلِهِ: أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ أَبَدًا إِنِ اسْتَطَعْتَ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنَ الْكَلَامِ حَالَةَ عَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مَعْلُومًا دُونَ قَوْلِهِ فَيَكُونُ قَوْلُهُ مُؤَكِّدًا.
الثَّانِي: أَنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ مَا لَا يُعْلَمُ خُرُوجُهُ دُونَهُ كَقَوْلِهِ: أَكْرِمْ بَنِي تَمِيمٍ إِنْ دَخَلُوا الدَّارَ، فَإِنَّهُ يَخْرُجُ مِنْهُ حَالَةَ عَدَمِ دُخُولِ الدَّارِ، وَلَوْلَا الشَّرْطُ لَعَمَّ الْإِكْرَامُ جَمِيعَ الْأَحْوَالِ (?) ، وَلَمْ يَكُنِ الْعِلْمُ بِعَدَمِ الْإِكْرَامِ حَالَةَ عَدَمِ دُخُولِ الدَّارِ حَاصِلًا لَنَا، فَكَانَ مُخَصِّصًا لِلْعُمُومِ.
وَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ، لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَتَّحِدَ الشَّرْطُ وَالْمَشْرُوطُ، أَوْ يَتَعَدَّدَ الْمَشْرُوطُ أَوْ بِالْعَكْسِ، أَوْ يَتَعَدَّدَانِ مَعًا (?) .
، فَإِنِ اتَّحَدَ الشَّرْطُ وَالْمَشْرُوطُ فَمِثَالُهُ مَا سَبَقَ.
وَأَمَّا إِنِ اتَّحَدَ الشَّرْطُ وَتَعَدَّدَ الْمَشْرُوطُ فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الْمَشْرُوطَاتُ عَلَى الْجَمْعِ أَوْ عَلَى الْبَدَلِ، فَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْجَمْعِ كَقَوْلِهِ: إِنْ دَخَلَ زِيدٌ الدَّارَ فَأَعْطِهِ دِينَارًا وَدِرْهَمًا، وَإِنْ كَانَتْ عَلَى الْبَدَلِ كَقَوْلِهِ: إِنْ دَخَلَ زَيْدٌ الدَّارَ فَأَعْطِهِ دِينَارًا أَوْ دِرْهَمًا فَالْحُكْمُ كَمَا لَوِ اتَّحَدَ الْمَشْرُوطُ.