[الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ قَوْلِهِ تَعَالَى خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً هَلْ يَقْتَضِي أَخْذَ الصَّدَقَةِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ مَالِ كُلِّ مَالِكٍ]

الْمَسْأَلَةُ الرَّابِعَةُ وَالْعِشْرُونَ

اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} هَلْ يَقْتَضِي أَخْذَ الصَّدَقَةِ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ مَالِ كُلِّ مَالِكٍ أَوْ أَخْذَ صَدَقَةٍ وَاحِدَةٍ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ؟ وَالْأَوَّلُ مَذْهَبُ الْأَكْثَرِينَ، وَالثَّانِي مَذْهَبُ الْكَرْخِيِّ (?) .

احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِتَعْمِيمِ كُلِّ نَوْعٍ بِأَنَّهُ - تَعَالَى - أَضَافَ الصَّدَقَةَ إِلَى جَمِيعِ الْأَمْوَالِ بِقَوْلِهِ: {مِنْ أَمْوَالِهِمْ} وَالْجَمْعُ الْمُضَافُ مِنْ أَلْفَاظِ الْعُمُومِ عَلَى مَا عُرِفَ مِنْ مَذْهَبِ أَرْبَابِهِ، فَنُزِّلَ ذَلِكَ مَنْزِلَةَ قَوْلِهِ: خُذْ مِنْ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً، فَكَانَتِ الصَّدَقَةُ مُتَعَدِّدَةً بِتَعَدُّدِ أَنْوَاعِ الْأَمْوَالِ.

وَلِلنَّافِي أَنْ يَقُولَ: الْمَأْمُورُ بِهِ صَدَقَةٌ مُنَكَّرَةٌ مُضَافَةٌ إِلَى جُمْلَةِ الْأَمْوَالِ، فَمَهْمَا أُخِذَ مِنْ نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْهَا مِنَ الْمَالِكِ صَدَقَةً، صَدَقَ قَوْلُ الْقَائِلِ: أُخِذَ مِنْ أَمْوَالِهِ صَدَقَةٌ؛ لِأَنَّ الْمَالَ الْوَاحِدَ جُزْءٌ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْوَالِ.

فَإِذَا أُخِذَتِ الصَّدَقَةُ مِنْ جُزْءِ الْمَالِ صَدَقَ أَخْذُهَا مِنَ الْمَالِ.

وَلِهَذَا وَقَعَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ كُلَّ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ مِنْ دَرَاهِمِ الْمَالِكِ وَدَنَانِيرِهِ مَوْصُوفٌ بِأَنَّهُ مِنْ مَالِهِ.

وَمَعَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ أَخْذُ الصَّدَقَةِ مِنْ خُصُوصِ كُلِّ دِرْهَمٍ وَدِينَارٍ لَهُ، وَالْأَصْلُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لِعَدَمِ دَلَالَةِ اللَّفْظِ عَلَيْهِ لَا لِلْمُعَارِضِ.

وَبِالْجُمْلَةِ فَالْمَسْأَلَةُ مُحْتَمَلَةٌ (?)

وَمَأْخَذُ الْكَرْخِيِّ دَقِيقٌ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015