وَكَذَلِكَ إِجْمَاعُهُمْ عَلَى وُجُوبِ الْغُسْلِ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ بِقَوْلِ عَائِشَةَ: فَعَلْتُهُ أَنَا وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاغْتَسَلْنَا، وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَانَ إِذَا سُئِلَ عَنْ حُكْمٍ أَجَابَ بِمَا يَخُصُّهُ، وَأَحَالَ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ.
فَمِنْ ذَلِكَ لَمَّا سَأَلَتْهُ أَمُّ سَلَمَةَ عَنِ الِاغْتِسَالِ قَالَ: " أَمَّا أَنَا فَأُفِيضُ الْمَاءَ عَلَى رَأْسِي " وَمِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا سُئِلَ عَنْ قُبْلَةِ الصَّائِمِ قَالَ: " «أَنَا أَفْعَلُ ذَلِكَ» "، وَلَوْلَا أَنَّ لِلْفِعْلِ عُمُومًا لَمَا كَانَ كَذَلِكَ.
قُلْنَا: أَمَّا تَعْمِيمُ سُجُودِ السَّهْوِ، فَإِنَّهُ إِنَّمَا كَانَ لِعُمُومِ الْعِلَّةِ، وَهِيَ السَّهْوُ مِنْ حَيْثُ إِنَّهُ رَتَّبَ السُّجُودَ عَلَى السَّهْوِ بِفَاءِ التَّعْقِيبِ، وَهُوَ دَلِيلُ الْعَلِيَّةِ كَمَا يَأْتِي ذِكْرُهُ لَا لِعُمُومِ الْفِعْلِ.
وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي قَوْلِهِ: " «زَنَى مَاعِزٌ فَرُجِمَ» " وَفِي قَوْلِهِ: " «رَضَخَ يَهُودِيٌّ رَأْسَ جَارِيَةٍ فَرَضَخَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَأْسَهُ» ".
وَأَمَّا الْعَمَلُ بِخَبَرِ عَائِشَةَ فِي فَرْكِ الْمَنِيِّ وَوُجُوبِ الْغُسْلِ مِنَ الْتِقَاءِ الْخِتَانَيْنِ، وَإِفَاضَةِ الْمَاءِ عَلَى الرَّأْسِ وَقُبْلَةِ الصَّائِمِ، فَكُلُّ ذَلِكَ مُسْتَنِدٌ إِلَى الْقِيَاسِ لَا إِلَى عُمُومِ الْفِعْلِ لِتَعَذُّرِهِ كَمَا (?) سَبَقَ، (?) وَاللَّهُ أَعْلَمُ.