الْجُمْلَةِ وُجُوبَ الِانْقِيَادِ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فِيمَا يُخْبِرُنَا بِهِ مِنْ مَصَالِحِنَا وَدَفْعِ الْمَضَارِّ عَنَّا.
فَإِذَا ظَنَنَّا بِخَبَرِ الْوَاحِدِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ دَعَانَا إِلَى الِانْقِيَادِ لَهُ فِي فِعْلٍ أَخْبَرَ أَنَّهُ مَصْلَحَةٌ وَخِلَافُهُ مَضَرَّةٌ، فَقَدْ ظَنَنَّا تَفْصِيلَ مَا عَلِمْنَاهُ فِي الْجُمْلَةِ، فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ.
وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: أَمَّا أَوَّلًا، فَلَا نُسَلِّمُ وُجُوبَ الْعَمَلِ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ، بَلْ غَايَتُهُ إِذَا ظَنَنَّا صِدْقُهُ أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ بِخَبَرِهِ أَوْلَى مِنْ تَرْكِهِ.
وَكَوْنُ الْفِعْلِ أَوْلَى مِنَ التَّرْكِ أَمْرٌ أَعَمُّ مِنَ الْوَاجِبِ لِشُمُولِهِ لِلْمَنْدُوبِ، فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْوُجُوبُ (?) .
سَلَّمْنَا أَنَّ الْعَمَلَ بِخَبَرِهِ وَاجِبٌ فِي الْعَقْلِيَّاتِ، وَلَكِنْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ عِلَّةَ الْوُجُوبِ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ الدَّوَرَانِ فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمَدَارَ عِلَّةُ الدَّائِرِ (?) لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ عِلَّةُ الْوُجُوبِ غَيْرَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنْ ظَنِّ تَفْصِيلِ جُمْلَةٍ مَعْلُومَةٍ بِالْعَقْلِ، وَذَلِكَ بِأَنْ تَكُونَ الْعِلَّةُ مَعْنًا مُلَازِمًا لِمَا ذَكَرْتُمُوهُ لَا نَفْسَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ.
وَلَا يَلْزَمُ مِنَ التَّلَازُمِ بَيْنَهُمَا فِي الْعَقْلِيَّاتِ التَّلَازُمُ بَيْنَهُمَا فِي الشَّرْعِيَّاتِ بِجَوَازِ (?) أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ التَّلَازُمُ فِي الْعَقْلِيَّاتِ اتِّفَاقِيًّا.
وَإِنْ سَلَّمْنَا أَنَّ عِلَّةَ الْوُجُوبِ مَا ذَكَرْتُمُوهُ، لَكِنْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ عِلَّةً فِي الشَّرْعِيَّاتِ، لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ خُصُوصُ مَا ظُنَّ تَفْصِيلَ جُمْلَتِهِ فِي الْعَقْلِيَّاتِ دَاخِلًا فِي التَّعْلِيلِ، وَتِلْكَ مُحَقَّقَةٌ فِي الشَّرْعِيَّاتِ (?) .
سَلَّمْنَا دَلَالَةَ مَا ذَكَرْتُمُوهُ عَلَى أَنَّهُ عِلَّةٌ بِجِهَةِ عُمُومِهِ، لَكِنْ قَطْعًا أَوْ ظَنًّا: الْأَوَّلُ مَمْنُوعٌ وَالثَّانِي مُسَلَّمٌ.
غَيْرَ أَنَّهُ مَنْقُوضٌ بِخَبَرِ الْفَاسِقِ وَالصَّبِيِّ إِذَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ صِدْقُهُ، فَإِنَّ مَا ذَكَرْتُمُوهُ مِنَ الْوَصْفِ الْجَامِعِ مُتَحَقِّقٌ فِيهِ، وَقَدِ انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْعَمَلُ بِهِ فِي