فَإِنَّهُ جُزْءٌ مِنَ الْجُمْلَةِ، وَالْجُمْلَةُ لَيْسَتْ جُزْءًا مِنَ الْجُمْلَةِ.
وَكَذَلِكَ كُلُّ لَبِنَةٍ أَوْ خَشَبَةٍ دَاخِلَةٍ فِي مُسَمَّى الدَّارِ وَهِيَ جُزْءٌ مِنْهَا، وَلَيْسَتْ دَارًا، وَالْمُجْتَمِعُ مِنَ الْكُلِّ دَارٌ، وَكَذَلِكَ الْعَشَرَةُ مُرَكَّبَةٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَخَمْسَةٍ، وَكُلُّ وَاحِدَةٍ مِنَ الْخَمْسَتَيْنِ لَيْسَتْ عَشَرَةً، وَالْمَجْمُوعُ مِنْهُمَا عَشَرَةٌ وَنَحْوُهُ.
وَأَمَّا مَا ذَكَرُوهُ فِي السُّؤَالِ الثَّالِثِ مِنَ الْإِلْزَامِ الْأَوَّلِ، فَهُوَ فَرْضٌ مُحَالٌ، فَإِنَّهُ مَهْمَا أَخْبَرَ جَمْعٌ بِمَا يَحْصُلُ مِنْهُ الْعِلْمُ بِالْمُخْبَرِ، فَيَمْتَنِعُ إِخْبَارُ مِثْلِهِمْ فِي الْكَمِّيَّةِ وَالْكَيْفِيَّةِ وَقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ بِمَا يُنَاقِضُ ذَلِكَ.
وَأَمَّا الْإِلْزَامُ الثَّانِي، فَإِنَّمَا يَصِحُّ أَنْ لَوْ قُلْنَا إِنَّ الْعِلْمَ يَحْصُلُ مِنْ خَبَرِ كُلِّ جَمَاعَةٍ؛ وَإِنَّ خَبَرَ كُلِّ جَمَاعَةٍ تَوَاتُرٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ؛ وَإِنَّمَا دَعْوَانَا أَنَّ الْعِلْمَ قَدْ يَحْصُلُ مِنْ خَبَرِ الْجَمَاعَةِ، وَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ خَبَرُ كُلِّ جَمَاعَةٍ مُحَصِّلًا لِلْعِلْمِ.
وَأَمَّا الْإِلْزَامُ الثَّالِثُ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ التَّوَاتُرَ إِنَّمَا يُفِيدُ الْعِلْمَ فِي الْإِخْبَارِ عَنِ الْمَحْسُوسَاتِ وَالْمُشَاهَدَاتِ، وَالنُّبُوَّةُ حُكْمٌ، فَلِذَلِكَ لَمْ يَثْبُتْ بِخَبَرِ التَّوَاتُرِ (?) كَيْفَ وَإِنَّا لَا نَدَّعِي أَنَّ كُلَّ تَوَاتُرٍ يَجِبُ حُصُولُ الْعِلْمِ بِمُخْبَرِهِ مُطْلَقًا لِكُلِّ أَحَدٍ لِتَفَاوُتِ