وَأَيْضًا فَإِنَّ الْخِطَابَ بِالْقُرْآنِ كَمَا هُوَ مَعَ الْعَرَبِ فَهُوَ مَعَ الْعَجَمِ مَفْهُومٌ لَهُمْ (?) .

قُلْنَا: مَنْ قَالَ بِجَوَازِ التَّكْلِيفِ بِمَا لَا يُطَاقُ (?) .، جَوَّزَ أَنْ يَكُونَ فِي الْقُرْآنِ مَا لَهُ مَعْنًى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعْلُومًا لِلْمُخَاطَبِ وَلَا بَيَانَ لَهُ (?) .، وَلَا كَذَلِكَ فِيمَا لَا مَعْنَى لَهُ أَصْلًا لِكَوْنِهِ هَذَيَانًا.

وَمَنْ لَمْ يُجَوِّزِ التَّكْلِيفَ بِمَا لَا يُطَاقُ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، لِكَوْنِهِ تَكْلِيفًا بِمَا لَا يُطَاقُ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ إِخْرَاجِ الْقُرْآنِ عَنْ كَوْنِهِ بَيَانًا لِلنَّاسِ ضَرُورَةَ كَوْنِهِ غَيْرَ مَفْهُومٍ.

وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} وَلِأَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَجُرُّ إِلَى عَدَمِ الْوُثُوقِ بِشَيْءٍ مِنْ أَخْبَارِ اللَّهِ تَعَالَى وَرَسُولِهِ، ضَرُورَةَ أَنَّهُ مَا مِنْ خَبَرٍ إِلَّا وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِهِ مَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ.

وَذَلِكَ مُبْطِلٌ لِلشَّرِيعَةِ مُطْلَقًا.

وَأَجَابَ عَنِ الْآيَةِ الْأُولَى بِأَنَّ الْوَاوَ فِيهَا لِلْعَطْفِ (?) .، وَأَنَّ الضَّمِيرَ فِي قَوْلِهِ: {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا (?) . فِي الْعَوْدِ إِلَى جُمْلَةِ الْمَذْكُورِ، غَيْرَ أَنَّهُ لَا بُعْدَ فِي تَخْصِيصِهِ بِإِخْرَاجِ الرَّبِّ تَعَالَى عَنْهُ، بِدَلِيلِ الْعَقْلِ، الْمُحِيلِ لِعَوْدِ الضَّمِيرِ إِلَيْهِ.

وَأَمَّا بَاقِي الْآيَاتِ الْمَذْكُورَةِ، فَكُلُّهَا كِنَايَاتٌ وَتَجَوُّزَاتٌ مَفْهُومَةٌ لِلْعَرَبِ بِأَدِلَّةٍ صَارِفَةٍ إِلَيْهَا، عَلَى مَا بَيَّنَّاهُ فِي الْكَلَامِيَّاتِ (?)

[الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ الاختلاف في اشْتِمَالِ الْقُرْآنِ عَلَى أَلْفَاظٍ مَجَازِيَّةٍ وَكَلِمَاتٍ غَيْرِ عَرَبِيَّةٍ]

الْمَسْأَلَةُ الْخَامِسَةُ

اخْتَلَفُوا فِي اشْتِمَالِ الْقُرْآنِ عَلَى أَلْفَاظٍ مَجَازِيَّةٍ وَكَلِمَاتٍ غَيْرِ عَرَبِيَّةٍ.

وَقَدِ اسْتَقْصَيْنَا الْكَلَامَ فِيهِمَا فِي الْقَاعِدَةِ الْأُولَى فِي " الْمَبَادِئِ اللُّغَوِيَّةِ ".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015