[الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ تَكْلِيفِ الْمَعْدُومِ]

الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ (?)

مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا جَوَازُ تَكْلِيفِ الْمَعْدُومِ، وَرُبَّمَا أَشْكَلَ فَهْمُ ذَلِكَ مَعَ إِحَالَتِنَا لِتَكْلِيفِ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ وَالْغَافِلِ وَالسَّكْرَانِ، لِعَدَمِ الْفَهْمِ لِلتَّكَالِيفِ.

وَالْمَعْدُومُ أَسْوَأُ حَالًا مِنْ هَؤُلَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى، لِوُجُودِ أَصْلِ الْفَهْمِ فِي حَقِّهِمْ وَعَدَمِهِ بِالْكُلِّيَّةِ فِي حَقِّ الْمَعْدُومِ، حَتَّى أَنْكَرَ ذَلِكَ جَمِيعُ الطَّوَائِفِ.

وَكَشْفُ الْغِطَاءِ عَنْ ذَلِكَ أَنَّا لَا نَقُولُ بِكَوْنِ الْمَعْدُومِ مُكَلَّفًا بِالْإِتْيَانِ بِالْفِعْلِ حَالَةَ عَدَمِهِ بَلْ مَعْنَى كَوْنِهِ مُكَلَّفًا حَالَةَ الْعَدَمِ قِيَامُ الطَّلَبِ الْقَدِيمِ (?) بِذَاتِ الرَّبِّ تَعَالَى لِلْفِعْلِ مِنَ الْمَعْدُومِ بِتَقْدِيرِ وَجُودِهِ وَتَهْيِئَتِهِ لِفَهْمِ الْخِطَابِ، فَإِذَا وَجَدُوا مُهَيَّأً لِلتَّكْلِيفِ صَارَ مُكَلَّفًا بِذَلِكَ الطَّلَبِ وَالِاقْتِضَاءِ الْقَدِيمِ.

فَإِنَّ الْوَالِدَ لَوْ وَصَّى عِنْدَ مَوْتِهِ لِمَنْ سَيُوجَدُ بَعْدَهُ مِنْ أَوْلَادِهِ بِوَصِيَّةٍ فَإِنَّ الْوَلَدَ - بِتَقْدِيرِ وَجُودِهِ وَفَهْمِهِ - يَصِيرُ مُكَلَّفًا بِوَصِيَّةِ وَالِدِهِ حَتَّى إِنَّهُ يُوَصَفُ بِالطَّاعَةِ وَالْعِصْيَانِ بِتَقْدِيرِ الْمُخَالَفَةِ وَالِامْتِثَالِ.

وَأَيْضًا فَإِنَّنَا فِي وَقْتِنَا هَذَا نُوصَفُ بِكَوْنِنَا مَأْمُورِينَ بِأَمْرِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ، وَإِنْ كَانَ أَمْرُهُ فِي الْحَالِ مَعْدُومًا.

وَلَيْسَ ذَلِكَ إِلَّا بِمَا وُجِدَ مِنْهُ مِنَ الْأَمْرِ حَالَ وُجُودِهِ.

وَمِثْلُ هَذَا التَّكْلِيفِ ثَابِتٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ بِتَقْدِيرِ فَهْمِهِ أَيْضًا، بَلْ أَوْلَى مِنْ حَيْثُ إِنَّ الْمُشْتَرَطَ فِي حَقِّهِ الْفَهْمُ لَا غَيْرَ، وَفِي حَقِّ الْمَعْدُومِ الْفَهْمُ وَالْوُجُودُ (?) .

وَهَلْ يُسَمَّى التَّكْلِيفُ بِهَذَا التَّفْسِيرِ فِي الْأَزَلِ خِطَابًا لِلْمَعْدُومِ، وَأَمْرًا لَهُ عُرْفًا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015