وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى - وَلَكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّى} ذَمٌّ عَلَى تَرْكِ الْجَمِيعِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مُكَلَّفًا بِالْكُلِّ لَمَا ذُمَّ عَلَيْهِ.

وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا - يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} حُكْمٌ بِمُضَاعَفَةِ الْعَذَابِ عَلَى مَجْمُوعِ الْمَذْكُورِ وَالزِّنَى مِنْ جُمْلَتِهِ.

وَلَوْلَا أَنَّهُ مُحَرَّمٌ عَلَيْهِ وَمَنْهِيٌّ عَنْهُ لَمَا أَثَّمَهُ بِهِ، وَهَذِهِ حُجَّةٌ عَلَى مَنْ نَفَى التَّكْلِيفَ بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ دُونَ مَنْ جَوَّزَ التَّكْلِيفَ بِالنَّهْيِ دُونَ الْأَمْرِ (?) .

وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} وَالْكَافِرُ دَاخِلٌ فِيهِ لِكَوْنِهِ مِنَ النَّاسِ.

وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ لَا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ} لَكِنْ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ: الْمُرَادُ بِالزَّكَاةِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ إِنَّمَا هُوَ قَوْلُ: {لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} (?)

وَأَيْضًا قَوْلُهُ تَعَالَى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ - قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ - وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ} وَلَوْ لَمْ يَكُونُوا قَدْ كُلِّفُوا بِالصَّلَاةِ لَمَا عُوقِبُوا عَلَيْهَا.

فَإِنْ قِيلَ: هَذِهِ حِكَايَةُ قَوْلِ الْكُفَّارِ، وَلَا حُجَّةَ فِيهَا، وَإِنْ كَانَتْ حُجَّةً لَكِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِهِمْ: {لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} أَيْ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ.

وَمِنْهُ قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «نُهِيتُ عَنْ قَتْلِ الْمُصَلِّينَ» " وَأَرَادَ بِهِ الْمُؤْمِنِينَ، وَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ الصَّلَاةَ الشَّرْعِيَّةَ حَقِيقَةً، غَيْرَ أَنَّ الْعَذَابَ إِنَّمَا كَانَ لِتَكْذِيبِهِمْ بِيَوْمِ الدِّينِ، غَيْرَ أَنَّهُ غَلِطَ بِإِضَافَةِ تَرْكِ الطَّاعَاتِ إِلَيْهِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مُضَافًا إِلَى الصَّلَاةِ لَكِنْ لَا إِلَى تَرْكِهَا، بَلْ إِلَى إِخْرَاجِهِمْ أَنْفُسَهُمْ عَنِ الْعِلْمِ بِقُبْحِ تَرْكِهَا بِتَرْكِ الْإِيمَانِ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ لَكِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ إِخْبَارًا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ الْمُرْتَدِّينَ تَرَكُوا الصَّلَاةَ حَالَةَ رِدَّتِهِمْ وَذَلِكَ مَحَلُّ الْوِفَاقِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015