الْقُدْرَةِ الْحَادِثَةِ لِلْمَقْدُورِ بِهَا مَعَ تَقَدُّمِ التَّكْلِيفِ بِالْفِعْلِ عَلَى الْفِعْلِ (?) ، وَأَنَّ الْقُدْرَةَ غَيْرُ مُؤَثِّرَةٍ فِي مَقْدُورِهَا، بَلْ مَقْدُورُهَا مَخْلُوقٌ لِلَّهِ تَعَالَى.

وَلَا يَخْفَى أَنَّ التَّكْلِيفَ بِفِعْلِ الْغَيْرِ حَالَةَ عَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ تَكْلِيفٌ بِمَا لَا يُطَاقُ (?) ، وَهَذَا هُوَ مَذْهَبُ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ وَبَعْضِ مُعْتَزِلَةِ بَغْدَادَ حَيْثُ قَالُوا بِجَوَازِ تَكْلِيفِ الْعَبْدِ بِفِعْلٍ فِي وَقْتٍ عَلِمَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُ يَكُونُ مَمْنُوعًا عَنْهُ.

وَالْبَكْرِيَّةُ (?) حَيْثُ زَعَمُوا أَنَّ الْخَتْمَ وَالطَّبْعَ عَلَى الْأَفْئِدَةِ مَانِعَانِ مِنَ الْإِيمَانِ مَعَ التَّكْلِيفِ بِهِ.

غَيْرَ أَنَّ مَنْ قَالَ بِجَوَازِ ذَلِكَ مِنْ أَصْحَابِهِ اخْتَلَفُوا فِي وُقُوعِهِ نَفْيًا وَإِثْبَاتًا، وَوَافَقَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِالنَّفْيِ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَهُوَ مَذْهَبُ الْبَصْرِيِّينَ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَأَكْثَرِ الْبَغْدَادِيِّينَ.

وَأَجْمَعَ الْكُلُّ عَلَى جَوَازِ التَّكْلِيفِ بِمَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يَكُونُ عَقْلًا، وَعَلَى وُقُوعِهِ شَرْعًا كَالتَّكْلِيفِ بِالْإِيمَانِ لِمَنْ عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ كَأَبِي جَهْلٍ خِلَافًا لِبَعْضٍ الثَّنَوِيَّةِ.

وَالْمُخْتَارُ إِنَّمَا هُوَ امْتِنَاعُ التَّكْلِيفِ بِالْمُسْتَحِيلِ لِذَاتِهِ (?) كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ وَنَحْوِهِ، وَجَوَازُهُ فِي الْمُسْتَحِيلِ بِاعْتِبَارِ غَيْرِهِ، وَإِلَيْهِ مَيْلُ الْغَزَالِيِّ، رَحِمَهُ اللَّهُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015