الْخَامِسَ عَشَرَ: أَنْ تَكُونَ دَلَالَةُ أَحَدِهِمَا غَيْرَ مُحْتَاجَةٍ إِلَى إِضْمَارٍ وَلَا حَذْفٍ بِخِلَافِ الْأُخْرَى، فَالَّذِي لَا يَحْتَاجُ إِلَى ذَلِكَ أَوْلَى لِقِلَّةِ اضْطِرَابِهِ.
السَّادِسَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا يَدُلُّ عَلَى مَدْلُولِهِ بِالْوَضْعِ الشَّرْعِيِّ وَالْآخَرُ بِالْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُسْتَعْمَلٌ فِي الشَّرْعِ، فَهَا هُنَا يَظْهَرُ أَنَّ الْعَمَلَ بِاللَّفْظِ اللُّغَوِيِّ يَكُونُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ مِنْ لِسَانِ الشَّارِعِ مَعَ كَوْنِهِ مُقَرِّرًا لِوَضْعِ اللُّغَةِ، وَمَا هُوَ عُرْفُهُ وَمُصْطَلَحُهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ لِسَانِهِ إِلَّا أَنَّهُ مُغَيِّرٌ لِلْوَضْعِ اللُّغَوِيِّ.
وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْعَمَلَ بِمَا هُوَ مِنْ لِسَانِ الشَّارِعِ مِنْ غَيْرِ تَغْيِيرٍ أَوْلَى مِنَ الْعَمَلِ بِمَا هُوَ مِنْ لِسَانِهِ مَعَ التَّغْيِيرِ، وَلِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنِ الْخِلَافِ، وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إِذَا أَطْلَقَ لَفْظًا وَاحِدًا وَكَانَ لَهُ مَدْلُولٌ لُغَوِيٌّ، وَقَدِ اسْتَعَارَهُ الشَّارِعُ فِي مَعْنًى آخَرَ وَصَارَ عُرْفًا لَهُ، فَإِنَّهُ مَهْمَا أَطْلَقَ الشَّارِعُ ذَلِكَ اللَّفْظَ فَيَجِبُ تَنْزِيلُهُ عَلَى عُرْفِهِ الشَّرْعِيِّ دُونَ اللُّغَوِيِّ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنَ الشَّارِعِ أَنَّهُ إِذَا أَطْلَقَ لَفْظًا وَلَهُ مَوْضُوعٌ فِي عُرْفِهِ أَنَّهُ لَا يُرِيدُ بِهِ غَيْرَهُ.
السَّابِعَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ الْعَمَلُ بِأَحَدِهِمَا يَلْزَمُ مِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَجَازَيْنِ، وَالْآخَرِ لَا يَلْزَمُ مِنْهُ غَيْرُ مُجَازٍ وَاحِدٍ، فَالَّذِي فِيهِ مَجَازٌ وَاحِدٌ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَبْعَدُ عَنِ الِاضْطِرَابِ وَأَقْرَبُ إِلَى الْأَصْلِ.
الثَّامِنَ عَشَرَ: أَنْ يَكُونَ أَحَدُهُمَا دَالًّا عَلَى مَطْلُوبِهِ مِنْ وَجْهَيْنِ أَوْ أَكْثَرَ، وَالْآخَرُ لَا يَدُلُّ إِلَّا مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ، فَالَّذِي كَثُرَتْ جِهَةُ دَلَالَتِهِ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ.
التَّاسِعَ عَشَرَ: أَنْ تَكُونَ دَلَالَةُ أَحَدِهِمَا مُؤَكَّدَةً دُونَ الْأُخْرَى فَالْمُؤَكَّدَةُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى دَلَالَةً وَأَغْلَبُ عَلَى الظَّنِّ، وَذَلِكَ كَمَا فِي قَوْلِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " «فَنِكَاحُهَا بَاطِلٌ بَاطِلٌ بَاطِلٌ» ". (?)