وَعَنْ لُحُومِ الْأَضَاحِي أَلَا فَانْتَفِعُوا بِهَا " (?) ، وَذَلِكَ يَدُلُّ عَلَى تَفْوِيضِ الْحِلِّ وَالْحُرْمَةِ فِي ذَلِكَ إِلَيْهِ.
وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ: فَمَا نُقِلَ عَنْ آحَادِ الصَّحَابَةِ فِيمَا حَكَمَ بِهِ " إِنْ كَانَ صَوَابًا فَمِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ كَانَ خَطَأً فَمِنِّي وَمِنَ الشَّيْطَانِ " أَضَافَ الْحُكْمَ إِلَى نَفْسِهِ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ فَصَارَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا شَاعَ وَذَاعَ مِنْ رُجُوعِ آحَادِ الصَّحَابَةِ عَمَّا حَكَمَ بِهِ أَوَّلًا مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ عَلَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ بَلْ عَنْ دَلِيلٍ مِنَ الشَّارِعِ لَمَا شَاعَ ذَلِكَ مِنْهُ، وَلَمَا جَازَ تَطَابُقُ الصَّحَابَةِ عَلَى عَدَمِ الْإِنْكَارِ عَلَيْهِ.
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ فَمِنْ وُجُوهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّهُ إِذَا جَازَ تَفْوِيضُ الشَّارِعِ إِلَى الْمُكَلَّفِ اخْتِيَارُ وَاحِدَةٍ مِنْ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ جَازَ مِثْلُهُ فِي الْأَحْكَامِ.
الثَّانِي: أَنَّهُ إِذَا جَازَ أَنْ يُفَوَّضَ إِلَى الْعَامِّيِّ الْعَمَلُ بِمَا شَاءَ مِنْ فَتْوَى أَيِّ الْمُجْتَهِدِينَ شَاءَ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ جَازَ مِثْلُهُ فِي الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْمُجْتَهِدِينَ.
الثَّالِثُ: أَنَّهُ إِذَا جَازَ الْحُكْمُ بِالْأَمَارَةِ الظَّنِّيَّةِ مَعَ جَوَازِ الْخَطَإِ فِيهَا عَنِ الصَّوَابِ جَازَ الْحُكْمُ بِمَا يَخْتَارُهُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ وَإِنْ جَازَ عُدُولُهُ عَنْ جِهَةِ الصَّوَابِ. (?) وَلِقَائِلٍ أَنْ يُجِيبَ عَنِ الْآيَةِ بِأَنَّ إِسْرَائِيلَ لَمْ يَكُنْ مِنْ جُمْلَةِ بَنِيهِ حَتَّى يَكُونَ دَاخِلًا فِي عُمُومِ الْآيَةِ، وَعِنْدَ ذَلِكَ فَيُحْتَمَلُ أَنَّ إِسْرَائِيلَ حَرَّمَ مَا حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ بِالِاجْتِهَادِ مُسْتَنِدًا إِلَى دَلِيلٍ ظَنِّيٍّ لَا أَنَّهُ مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ.
وَعَنِ الْخَبَرِ الْأَوَّلِ: أَنَّهُ قَدْ قِيلَ: إِنَّ الْإِذْخِرَ لَيْسَ مِنَ الْخَلَا، فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا فِيمَا حُرِّمَ، وَعَلَى هَذَا فَإِبَاحَتُهُ تَكُونُ بِنَاءً عَلَى اسْتِصْحَابِ الْحَالِ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِنَ الْعَبَّاسِ وَالنَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ تَأْكِيدًا.