عَادَتِنَا، ثُمَّ نَذْكُرُ بَعْدَ ذَلِكَ مَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ. (?) وَقَدِ احْتَجُّوا بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ وَالْمَعْقُولِ.

أَمَّا النَّصُّ: فَمِنْ جِهَةِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ.

أَمَّا الْكِتَابُ: فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرَائِيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ} أَضَافَ التَّحْرِيمَ إِلَيْهِ فَدَلَّ عَلَى كَوْنِهِ مُفَوَّضًا إِلَيْهِ. وَأَمَّا السُّنَّةُ فَمِنْ وُجُوهٍ:

مِنْهَا مَا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ «لَمَّا قَالَ فِي مَكَّةَ: " لَا يُخْتَلَى خَلَاهَا وَلَا يُعْضَدُ شَجَرُهَا " قَالَ لَهُ الْعَبَّاسُ: إِلَّا الْإِذْخِرَ، فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: (إِلَّا الْإِذْخِرَ) » . (?) وَمَعْلُومٌ أَنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ إِلَّا مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِهِ، لِعِلْمِنَا بِأَنَّ الْوَحْيَ لَمْ يَنْزِلْ عَلَيْهِ فِي تِلْكَ الْحَالَةِ، وَلَوْلَا أَنَّ الْحُكْمَ مُفَوَّضٌ إِلَيْهِ لَمَا سَاغَ ذَلِكَ.

وَمِنْهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «لَوْلَا أَنْ أَشُقَّ عَلَى أُمَّتِي لَأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ» ". (?) وَمِنْهَا قَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ( «عَفَوْتُ لَكُمْ عَنْ صَدَقَةِ الْخَيْلِ وَالرَّقِيقِ» ) . (?) وَمِنْهَا مَا رُوِيَ أَنَّهُ «لَمَّا قِيلَ لَهُ: أَحَجُّنَا هَذَا لِعَامِنَا أَمْ لِلْأَبَدِ؟ فَقَالَ: (بَلْ لِلْأَبَدِ، وَلَوْ قُلْتُ نَعَمْ لَوَجَبَ» ) (?) أَضَافَ الْوُجُوبَ وَالْعَفْوَ إِلَى أَمْرِهِ وَفِعْلِهِ، وَلَوْلَا أَنَّهُ مُفَوَّضٌ إِلَى اخْتِيَارِهِ لَمَا جَازَ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015