وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «عَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ مِنْ بَعْدِي» ". (?) وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «اقْتَدُوا بِالَّذَيْنِ مِنْ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ» ". (?) وَأَمَّا الْإِجْمَاعُ: فَهُوَ أَنَّ عُمَرَ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِلَى قَوْلِ مُعَاذٍ (?) ، وَبَايَعَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ عُثْمَانَ عَلَى اتِّبَاعِ سُنَّةِ الشَّيْخَيْنِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (?) ، وَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ أَحَدٌ مِنَ الصَّحَابَةِ، مَعَ أَنَّ الْمُقَلِّدَ كَانَ أَهْلًا لِلِاجْتِهَادِ فَصَارَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا.
وَأَمَّا الْمَعْقُولُ: فَهُوَ أَنَّهُ لَا يَقْدِرُ بِاجْتِهَادِهِ عَلَى غَيْرِ الظَّنِّ، وَاتِّبَاعُ الْمُجْتَهِدِ فِيمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مُفِيدٌ لِلظَّنِّ، وَالظَّنُّ مَعْمُولٌ بِهِ فِي الشَّرْعِيَّاتِ عَلَى مَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ، فَكَانَ اتِّبَاعُهُ فِيهِ جَائِزًا.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْآيَةِ الْأُولَى: أَنَّ الْمُرَادَ بِأَهْلِ الذِّكْرِ أَهْلُ الْعِلْمِ، أَيِ: الْمُتَمَكِّنُ مِنْ تَحْصِيلِ الْعِلْمِ بِأَهْلِيَّتِهِ فِيمَا يُسْأَلُ عَنْهُ، لَا مَنِ الْعِلْمُ بِالْمَسْأَلَةِ الْمَسْئُولِ عَنْهَا حَاضِرٌ عَتِيدٌ لَدَيْهِ، فَإِنَّ أَهْلَ الشَّيْءِ مَنْ هُوَ مُتَأَهِّلٌ لِذَلِكَ الشَّيْءِ، لَا مَنْ حَصَلَ لَهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ.
وَالْأَصْلُ تَنْزِيلُ اللَّفْظِ عَلَى مَا هُوَ حَقِيقَةٌ فِيهِ، وَعَلَى هَذَا فَتُخَصُّ الْآيَةُ بِسُؤَالِ مَنْ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، كَالْعَامِّيِّ لِمَنْ هُوَ أَهْلٌ لَهُ، وَمَا نَحْنُ فِيهِ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالتَّفْسِيرِ الْمَذْكُورِ، فَلَا يَكُونُ دَاخِلًا تَحْتَ الْآيَةِ ; لِأَنَّ الْآيَةَ لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى