وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ أَنَّ عَلِيًّا وَابْنَ مَسْعُودٍ وَزَيْدًا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ خَطَّئُوا ابْنَ عَبَّاسٍ فِي تَرْكِ الْقَوْلِ بِالْعَوْلِ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمُ ابْنُ عَبَّاسٍ قَوْلَهُمْ بِالْعَوْلِ بِقَوْلِهِ: " مَنْ شَاءَ أَنْ يُبَاهِلَنِي بَاهَلْتُهُ. . . إِنَّ الَّذِي أَحْصَى رَمْلَ عَالِجٍ عَدَدًا أَلَمْ يَجْعَلْ فِي مَالٍ وَاحِدٍ نِصْفًا وَنِصْفًا وَثُلُثًا، هَذَانِ نِصْفَانِ ذَهَبَا بِالْمَالِ فَأَيْنَ مَوْضِعُ الثُّلُثِ؟ (?) وَمِنْ ذَلِكَ مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ: " أَلَا يَتَّقِي اللَّهَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ! يَجْعَلُ ابْنَ الِابْنِ ابْنًا وَلَا يَجْعَلُ أَبَ الْأَبِ أَبًا " (?) . إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْوَقَائِعِ، وَلَمْ يُنْكِرْ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ فِي التَّخْطِئَةِ فَكَانَ ذَلِكَ إِجْمَاعًا عَلَى أَنَّ الْحَقَّ مِنْ أَقَاوِيلِهِمْ لَيْسَ إِلَّا وَاحِدًا.

وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: نَحْنُ لَا نُنْكِرُ وُقُوعَ الْخَطَإِ فِي الِاجْتِهَادِ، لَكِنَّ فِيمَا إِذَا لَمْ يَكُنِ الْمُجْتَهِدُ أَهْلًا لِلِاجْتِهَادِ، أَوْ كَانَ أَهْلًا لَكِنَّهُ قَصَّرَ فِي اجْتِهَادِهِ، وَإِنْ لَمْ يُقَصِّرْ لَكِنَّهُ خَالَفَ النَّصَّ أَوِ الْإِجْمَاعَ أَوِ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ أَوْ فِي مَطْلُوبِهِ دُونَ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ حُكْمِ اللَّهِ، كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ فِي جَوَابِ السُّنَّةِ. (?) وَأَمَّا مَا تَمَّ فِيهِ الِاجْتِهَادُ مِنْ أَهْلِهِ، وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ مُعَارِضٌ مُبْطِلٌ، فَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرُوهُ مِنْ قَضَايَا الصَّحَابَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى وُقُوعِ الْخَطَإِ فِيهِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015