أَمَّا الْجَوَازُ الْعَقْلِيُّ فَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا دَلَّلْنَا بِهِ عَلَى جَوَازِ ذَلِكَ فِي حَقِّ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
وَأَمَّا بَيَانُ الْوُقُوعِ: أَمَّا فِي حَضْرَتِهِ فَيَدُلُّ عَلَيْهِ «قَوْلُ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِي حَقِّ أَبِي قَتَادَةَ حَيْثُ قَتَلَ رَجُلًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ فَأَخَذَ سَلَبَهُ غَيْرُهُ: لَا نَقْصِدُ إِلَى أَسَدٍ مِنْ أَسَدِ اللَّهِ يُقَاتِلُ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ فَنُعْطِيكَ سَلَبَهُ، فَقَالَ النَّبِيُّ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " صَدَقَ وَصُدِّقَ فِي فَتْوَاهُ» " (?) وَلَمْ يَكُنْ قَالَ ذَلِكَ بِغَيْرِ الرَّأْيِ وَالِاجْتِهَادِ.
وَأَيْضًا مَا رُوِيَ «عَنِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ حَكَّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ، فَحَكَمَ بِقَتْلِهِمْ وَسَبْيِ ذَرَارِيِّهِمْ بِالرَّأْيِ، فَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " لَقَدْ حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ مِنْ فَوْقِ سَبْعَةِ أَرْقِعَةٍ» ". (?) وَأَيْضًا مَا رُوِيَ عَنْهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ «أَمَرَ عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ وَعُقْبَةَ بْنَ عَامِرٍ الْجُهَنِيَّ أَنْ يَحْكُمَا بَيْنَ خَصْمَيْنِ وَقَالَ لَهُمَا: " إِنْ أَصَبْتُمَا فَلَكُمَا عَشْرُ حَسَنَاتٍ، وَإِنْ أَخْطَأْتُمَا فَلَكُمَا حَسَنَةٌ وَاحِدَةٌ» ". (?) وَأَمَّا فِي غَيْبَتِهِ فَيَدُلُّ عَلَيْهِ قِصَّةُ مُعَاذٍ وَعَتَّابِ بْنِ أَسِيدٍ حِينَ بَعَثَهُمَا قَاضِيَيْنِ إِلَى الْيَمَنِ.