إِمَّا عَلَى عَلِيٍّ حَيْثُ امْتَنَعَ مِنَ الِاقْتِدَاءِ إِنْ كَانَ ذَلِكَ وَاجِبًا، وَإِمَّا عَلَى عُثْمَانَ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ إِنْ كَانَ الِاقْتِدَاءُ بِالشَّيْخَيْنِ مُحَرَّمًا، وَذَلِكَ مُمْتَنِعٌ.
وَعَنِ الْمُعَارَضَةِ الْأُولَى مِنَ الْمَعْقُولِ: أَنَّهَا مُنْتَقِضَةٌ بِمَذْهَبِ التَّابِعِيِّ، فَإِنَّ مَا ذَكَرُوهُ بِعَيْنِهِ ثَابِتٌ فِيهِ وَلَيْسَ بِحُجَّةٍ بِالِاتِّفَاقِ.
وَعَنِ الثَّانِيَةِ: أَنَّهُ لَا يَخْلُو إِمَّا أَنْ يَقُولَ بِأَنَّ قَوْلَ الصَّحَابِيِّ إِذَا انْتَشَرَ وَلَمْ يُنْكِرْ عَلَيْهِ مُنْكِرٌ أَيَكُونُ (?) ذَلِكَ إِجْمَاعًا أَمْ لَا يَكُونُ إِجْمَاعًا، فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلَ فَالْحُجَّةُ فِي الْإِجْمَاعِ لَا فِي مَذْهَبِ الصَّحَابِيِّ، وَذَلِكَ غَيْرُ مُتَحَقِّقٍ فِيمَا إِذَا لَمْ يَنْتَشِرْ، وَإِنْ كَانَ الثَّانِيَ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ مُطْلَقًا، كَيْفَ وَإِنَّ مَا ذَكَرُوهُ مُنْتَقَضٌ بِمَذْهَبِ التَّابِعِيِّ فَإِنَّهُ إِذَا انْتَشَرَ فِي عَصْرِهِ وَلَمْ يُوجَدْ لَهُ نَكِيرٌ كَانَ حُجَّةً، وَلَا يَكُونُ حُجَّةً بِتَقْدِيرِ عَدَمِ انْتِشَارِهِ إِجْمَاعًا.
وَعَنِ الثَّالِثَةِ: لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُسْتَنَدَهُ النَّقْلُ ; لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ مَعَهُ نَقْلٌ لَأَبْدَاهُ وَرَوَاهُ ; لِأَنَّهُ مِنَ الْعُلُومِ النَّافِعَةِ، وَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «مَنْ كَتَمَ عِلْمًا نَافِعًا أَلْجَمَهُ اللَّهُ بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ» "، وَذَلِكَ خِلَافَ الظَّاهِرِ مِنْ حَالِ الصَّحَابِيِّ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا أَنْ يَكُونَ عَنْ رَأْيٍ وَاجْتِهَادٍ وَعِنْدَ ذَلِكَ فَلَا يَكُونُ حُجَّةً عَلَى غَيْرِهِ مِنَ الْمُجْتَهِدِينَ بَعْدَهُ ; لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ دُونَ غَيْرِهِ فِي الِاجْتِهَادِ، وَإِنْ كَانَ مُتَمَيِّزًا بِمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الصُّحْبَةِ وَلَوَازِمِهَا (?) ، وَلِهَذَا قَالَ عَلَيْهِ السَّلَامُ: " «فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ» ". (?) ثُمَّ هُوَ مُنْتَقَضٌ بِمَذْهَبِ التَّابِعِيِّ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بِحُجَّةٍ عَلَى مَنْ بَعْدَهُ مِنْ تَابِعِي التَّابِعِينَ، وَإِنْ كَانَتْ نِسْبَتُهُ إِلَى تَابِعِي التَّابِعِينَ كَنِسْبَةِ الصَّحَابِيِّ إِلَيْهِ.