الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى
فِي الِاسْتِدْلَالِ بِاسْتِصْحَابِ الْحَالِ
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِيهِ: فَذَهَبَ أَكْثَرُ الْحَنَفِيَّةِ وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ كَأَبِي الْحُسَيْنِ الْبَصْرِيِّ وَغَيْرِهِ إِلَى بُطْلَانِهِ، وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ جَوَّزَ بِهِ التَّرْجِيحَ لَا غَيْرَ.
وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ؛ كَالْمُزَنِيِّ وَالصَّيْرَفِيِّ وَالْغَزَالِيِّ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ إِلَى صِحَّةِ الِاحْتِجَاجِ بِهِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَسَوَاءٌ كَانَ ذَلِكَ الِاسْتِصْحَابُ لِأَمْرٍ وُجُودِيٍّ أَوْ عَدَمِيٍّ أَوْ عَقْلِيٍّ أَوْ شَرْعِيٍّ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا تَحَقَّقَ وَجُودُهُ أَوْ عَدَمُهُ فِي حَالَةٍ مِنَ الْأَحْوَالِ، فَإِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ ظَنَّ بَقَائِهِ (?) وَالظَّنُّ حُجَّةٌ مُتَّبَعَةٌ فِي الشَّرْعِيَّاتِ عَلَى مَا سَبَقَ تَحْقِيقُهُ، وَإِنَّمَا قُلْنَا: إِنَّهُ يَسْتَلْزِمُ ظَنَّ بَقَائِهِ لِأَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:
الْأَوَّلُ: أَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى أَنَّ الْإِنْسَانَ لَوْ شَكَّ فِي وُجُودِ الطَّهَارَةِ ابْتِدَاءً لَا تَجُوزُ لَهُ الصَّلَاةُ (?) وَلَوْ شَكَّ فِي بَقَائِهَا جَازَتْ لَهُ الصَّلَاةُ (?) وَلَوْ لَمْ يَكُنِ الْأَصْلُ فِي كُلٍّ مُتَحَقَّقًا دَوَامُهُ (?) لِلُزُومِ إِمَّا جَوَازِ الصَّلَاةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى، أَوْ عَدَمِ الْجَوَازِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ وَهُوَ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ (?)