مُؤَجَّلَةٌ بَعْدَ (?) انْعِقَادِ سَبَبِهَا وَهُوَ مِلْكُ النِّصَابِ لَا أَنَّهَا نَافِلَةٌ، وَلَكَانَ (?) يَنْبَغِي أَنْ تَصِحَّ الصَّلَاةُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ.
فَإِنْ قِيلَ (?) : لَوْ كَانَ الْعَزْمُ بَدَلًا عَنِ الْفِعْلِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ لَمَا وَجَبَ الْفِعْلُ بَعْدَهُ، وَلَمَا جَازَ الْمَصِيرُ إِلَيْهِ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الْمُبْدَلِ كَسَائِرِ الْأَبْدَالِ مَعَ مُبْدَلَاتِهَا، وَلَكَانَ مَنْ أَخَّرَ الصَّلَاةَ عَنْ أَوَّلِ الْوَقْتِ مَعَ الْغَفْلَةِ عَنِ الْعَزْمِ يَكُونُ عَاصِيًا لِكَوْنِهِ تَارِكًا لِلْأَصْلِ وَبَدَلِهِ، كَيْفَ وَأَنَّ الْأَمْرَ الْوَارِدَ بِإِيجَابِ الصَّلَاةِ فِي هَذَا الْوَقْتِ لَيْسَ فِيهِ تَعَرُّضٌ لِلْعَزْمِ، فَإِيجَابُهُ يَكُونُ زِيَادَةً عَلَى مُقْتَضَى الْأَمْرِ. ثُمَّ جَعْلُ الْعَزْمِ بَدَلًا مِنْ صِفَةِ الْفِعْلِ أَوْ عَنْ أَصْلِ الْفِعْلِ مَعَ أَنَّهُ مِنْ أَفْعَال الْقُلُوب بَعِيدٌ ; إِذْ لَا عَهْدَ لَنَا فِي الشَّرْعِ بِجَعْلِ أَفْعَالِ الْقُلُوبِ أَبْدَالًا عَنِ الْأَفْعَالِ، وَلَا بِجَعْلِ صِفَةَ الْفِعْلِ مُبْدَلًا.
قُلْنَا: لَمْ يَكُنْ بَدَلًا عَنْ أَصْلِ الْفِعْلِ بَلْ عَنْ تَقْدِيمِ الْفِعْلِ، فَلَا يَكُونُ مُوجِبًا لِسُقُوطِ الْفِعْلِ مُطْلَقًا، وَمَعْنَى كَوْنِهِ بَدَلًا أَنَّهُ مُخَيَّرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ تَقْدِيمِ الْفِعْلِ وَالْمَصِيرِ إِلَى أَحَدِ الْمُخَيَّرَيْنِ غَيْرُ مَشْرُوطٍ بِالْعَجْزِ عَنِ الْآخَرِ، لَا أَنَّهُ مِنْ بَابِ الْوُضُوءِ مَعَ التَّيَمُّمِ وَإِنَّمَا لَمْ يَعْصِ مَعَ كَوْنِهِ غَافِلًا لِعَدَمِ تَكْلِيفِ الْغَافِلِ، وَالْأَمْرُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُتَعَرِّضًا لِلْعَزْمِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْهُ امْتِنَاعُ جَعْلِهِ بَدَلًا، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنِ انْتِفَاءِ بَعْضِ الْمَدَارِكِ انْتِفَاءُ الْكُلِّ.
وَأَمَّا اسْتِبْعَادُ كَوْنِ الْعَزْمِ بَدَلًا عَنْ صِفَةِ الْفِعْلِ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فَغَيْرُ مُسْتَحِقٍّ لِلْجَوَابِ، ثُمَّ كَيْفَ يُسْتَبْعَدُ ذَلِكَ وَالْفِدْيَةُ فِي حَقِّ الْحَامِلِ عِنْدَ خَوْفِهَا عَلَى جَنِينِهَا، وَكَذَلِكَ الْمُرْضِعُ عَلَى وَلَدِهَا بَدَلٌ عَنْ تَقْدِيمِ الصَّوْمِ فِي حَقِّهَا، وَهُوَ صِفَةُ الْفِعْلِ. وَكَذَلِكَ النَّدَمُ تَوْبَةٌ، وَهُوَ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ. وَقَدْ جُعِلَ بَدَلًا عَمَّا فَرَطَ مِنْ أَفْعَالِ الطَّاعَاتِ الْوَاجِبَةِ حَالَةَ الْكُفْرِ الْأَصْلِيِّ.
وَالْجَوَابُ (?) عَنِ الْقَوْلِ بِتَعْيِينِ وَقْتِ الْوُجُوبِ بِالْفِعْلِ: أَنَّهُ إِنْ أُرِيدَ بِهِ أَنَّا نَتَبَيَّنُ سُقُوطَ الْفَرْضِ بِالْفِعْلِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ فَهُوَ مُسَلَّمٌ، وَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا ذَكَرْنَاهُ،