وَهُوَ أَنْ يُعَيِّنَ الْمُعْتَرِضُ فِي الْأَصْلِ مَعْنًى وَيُعَارِضَ بِهِ، ثُمَّ يَقُولُ لِلْمُسْتَدِلِّ: مَا عَلَّلْتَ بِهِ وَإِنْ تَعَدَّى إِلَى فَرْعٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ، فَالَّذِي عَلَّلْتُ بِهِ أَيْضًا قَدْ تَعَدَّى إِلَى فَرْعٍ مُخْتَلِفٍ فِيهِ، وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا أَوْلَى مِنَ الْآخَرِ.
وَذَلِكَ كَمَا لَوْ قَالَ الشَّافِعِيُّ فِي مَسْأَلَةِ إِجْبَارِ الْبِكْرِ الْبَالِغِ: بِكْرٌ، فَجَازَ إِجْبَارُهَا كَالْبِكْرِ الصَّغِيرَةِ، فَعَارَضَهُ الْحَنَفِيُّ بِالصِّغَرِ وَقَالَ: الْبَكَارَةُ وَإِنْ تَعَدَّتْ إِلَى الْبِكْرِ الْبَالِغَةِ، فَالصِّغَرُ مُتَعَدٍّ إِلَى الثَّيِّبِ الصَّغِيرَةِ، وَهَذَا أَيْضًا مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ.
وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَخْرُجُ عَنْ سُؤَالِ الْمُعَارَضَةِ فِي الْأَصْلِ مَعَ زِيَادَةِ التَّسْوِيَةِ فِي التَّعْدِيَةِ، وَجَوَابُهُ بِإِبْطَالِ مَا عَارَضَ بِهِ الْمُعْتَرِضُ وَحَذْفُهُ عَنْ دَرَجَةِ الِاعْتِبَارِ بِمَا أَسْلَفْنَاهُ فِي سُؤَالِ الْمُعَارَضَةِ فِي الْأَصْلِ، وَمَهْمَا حُقِّقَ شَيْءٌ مِنْ تِلْكَ الطُّرُقِ فَقَدِ انْدَفَعَ وَلَا أَثَرَ لِمَا أُشِيرَ إِلَيْهِ مِنَ التَّسْوِيَةِ، خِلَافًا لِلدَّارَكِيِّ (?) .
الِاعْتِرَاضُ الثَّامِنَ عَشَرَ
مَنْعُ وُجُودِ الْوَصْفِ الْمُعَلَّلِ بِهِ فِي الْفَرْعِ، وَجَوَابُهُ كَجَوَابِ مَنْعِ وُجُودِهِ فِي الْأَصْلِ وَقَدْ عُرِفَ.
الِاعْتِرَاضُ التَّاسِعَ عَشَرَ
الْمُعَارَضَةُ فِي الْفَرْعِ بِمَا يَقْتَضِي نَقِيضَ حُكْمٍ الْمُسْتَدِلِّ، إِمَّا بِنَصٍّ أَوْ إِجْمَاعٍ ظَاهِرٍ أَوْ بِوُجُودِ مَانِعِ الْحُكْمِ أَوْ بِفَوَاتِ شَرْطِ الْحُكْمِ، وَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ تَحَقُّقِهِ وَطَرِيقِ كَوْنِهِ مَانِعًا أَوْ شَرْطًا عَلَى نَحْوِ طَرِيقِ إِثْبَاتِ الْمُسْتَدِلِّ كَوْنَ الْوَصْفِ الَّذِي عَلَّلَ بِهِ مِنَ التَّأْثِيرِ أَوِ الِاسْتِنْبَاطِ.
وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي قَبُولِهِ، (?) فَمَنَعَ مِنْهُ قَوْمٌ تَمَسُّكًا مِنْهُمْ بِأَنَّ الْمُعَارَضَةَ اسْتِدْلَالٌ وَبِنَاءٌ، وَحَقُّ الْمُعْتَرِضِ أَنْ يَكُونَ هَادِمًا لَا بَانِيًا.