[الِاعْتِرَاضُ الْخَامِسَ عَشَرَ الْمُعَارَضَةُ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى وَرَاءَ مَا عَلَّلَ بِهِ الْمُسْتَدِلُّ]

الِاعْتِرَاضُ الْخَامِسَ عَشَرَ

الْمُعَارَضَةُ فِي الْأَصْلِ بِمَعْنَى وَرَاءَ مَا عَلَّلَ بِهِ الْمُسْتَدِلُّ، وَسَوَاءٌ كَانَ مُسْتَقِلًّا بِالتَّعْلِيلِ كَمُعَارَضَةِ مَنْ عَلَّلَ تَحْرِيمَ رِبَا الْفَضْلِ فِي الْبُرِّ بِالطَّعْمِ أَوْ بِالْكَيْلِ أَوْ بِالْقُوتِ (?) أَوْ غَيْرَ مُسْتَقِلٍّ بِالتَّعْلِيلِ عَلَى وَجْهٍ يَكُونُ دَاخِلًا فِي التَّعْلِيلِ وَجُزْءًا مِنَ الْعِلَّةِ، وَذَلِكَ كَمُعَارَضَةِ مَنْ عَلَّلَ وُجُوبَ الْقِصَاصِ فِي الْقَتْلِ بِالْمُثْقَلِ؛ بِالْقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانُ بِالْجَارِحِ فِي الْأَصْلِ وَنَحْوِهِ (?) .

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْجَدَلِيُّونَ فِي قَبُولِهِ، فَمِنْهُمْ مَنْ رَدَّهُ بِنَاءً مِنْهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ الْحُكْمُ الْوَاحِدُ بِعِلَّتَيْنِ كَمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ (?)

وَلِهَذَا لَوْ قَدَّرْنَا انْفِرَادَ مَا ذَكَرَ الْمُسْتَدِلُّ مُجَرَّدًا عَنِ الْمُعَارِضِ صَحَّ التَّعْلِيلُ بِهِ إِجْمَاعًا، وَإِنَّمَا صَحَّ التَّعْلِيلُ بِهِ لِصَلَاحِيَةٍ فِيهِ لَا لِعَدَمِ الْمُعَارِضِ، فَإِنَّ الْعَدَمَ لَا يَكُونُ عِلَّةً وَلَا دَاخِلًا فِيهَا لِمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ (?) .

فَإِذَا صَحَّ التَّعْلِيلُ بِهِ مَعَ عَدَمِ الْمُعَارِضِ، صَحَّ مَعَ وُجُودِهِ؛ وَلِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْعِلَّةِ إِلَّا مَا يُثْبِتُ الْحُكْمُ عَقِيبَهَا، وَهَذَا الْمَعْنَى مَوْجُودٌ فِي الْوَصْفَيْنِ فَكَانَ كُلُّ وَاحِدٍ عِلَّةً.

وَمِنْهُمْ مَنْ قَبِلَهُ وَأَوْجَبَ جَوَابَهُ عَلَى الْمُسْتَدِلِّ وَهُوَ الْمُخْتَارُ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذَا وُجِدَ فِي الْأَصْلِ وَصْفَانِ.

فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً أَوْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ.

لَا جَائِزَ أَنْ يَكُونَ كُلُّ وَاحِدٍ عِلَّةً مُسْتَقِلَّةً لِمَا سَبَقَ تَقْرِيرُهُ فِي امْتِنَاعِ ذَلِكَ، سَوَاءٌ كَانَتِ الْعِلَّةُ بِمَعْنَى الْأَمَارَةِ أَوِ الْبَاعِثِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015