وَعَنِ الْمُعَارِضِ الْأَوَّلِ أَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى وُجُوبِ رِعَايَةِ الْمَصْلَحَةِ فِي أَحْكَامِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ غَيْرُ مُسَلَّمٍ. (?) كَيْفَ وَأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ الْأَمْرُ عَلَى مَا ذَكَرُوهُ فِي عَقْدِ الْإِمَامَةِ لِأَحَدِ الْإِمَامَيْنِ الصَّالِحَيْنِ، وَتَزْوِيجِ الْمَرْأَةِ الطَّالِبَةِ لِلنِّكَاحِ مِنْ أَحَدِ الْكُفُؤَيْنِ الْخَاطِبَيْنِ، وَفِي إِيجَابِ عِتْقِ عَبْدٍ مِنَ الْعَبِيدِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِلْإِجْمَاعِ، وَحَيْثُ تَعَذَّرَ الْوُجُوبُ عَلَى أَحَدِ شَخْصَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ، إِنَّمَا كَانَ لِتَوَقُّفِ تَحَقُّقِ الْوُجُوبِ عَلَى ارْتِبَاطِهِ بِالذَّمِّ وَالْعِقَابِ عَلَى مَا سَبَقَ فِي تَحْدِيدِهِ، وَذَمُّ أَحَدِ شَخْصَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ مُتَعَذِّرٌ بِخِلَافِ الذَّمِّ عَلَى أَحَدِ فِعْلَيْنِ لَا بِعَيْنِهِ، وَبِهَذِهِ الصُّوَرِ يَكُونُ انْدِفَاعُ مَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْمُعَارِضِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ إِلَى آخِرِ التَّاسِعِ.
وَعَنِ الْعَاشِرِ: أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنَ الْمُكَفِّرِينَ خَصْلَةٌ مِنَ الْخِصَالِ الثَّلَاثِ لَا بِعَيْنِهَا، وَقَدْ أَتَى بِمَا وَجَبَ عَلَيْهِ (?) وَسَقَطَ بِهِ الْفَرْضُ عَنْهُ، فَكَانَ مَا أَتَى بِهِ كُلُّ وَاحِدٍ وَاجِبًا لَا أَنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْكُلِّ خَصْلَةٌ وَاحِدَةٌ لَا بِعَيْنِهَا لِيَلْزَمَ مَا قِيلَ.
وَعَنِ الْحَادِيَ عَشَرَ: أَنَّا لَا نَمْنَعُ سُقُوطَ الْوَاجِبِ دُونَ أَدَائِهِ، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ تَكُونَ خِصَالُ الْكَفَّارَةِ كُلُّهَا وَاجِبَةً كَمَا كَانَ الْوُجُوبُ عَلَى أَعْدَادِ الْمُكَلَّفِينَ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ ; لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ مُنْعَقِدٌ عَلَى تَأْثِيمِ الْكُلِّ بِتَقْدِيرِ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى التَّرْكِ، وَلَا كَذَلِكَ فِي خِصَالِ الْكَفَّارَةِ. (?) وَعَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ لَوْ قَالَ لِزَوْجَتَيْهِ: إِحْدَاكُمَا طَالِقٌ، فَالْمُطَلَّقَةُ مِنْهُمَا وَاحِدَةٌ لَا بِعَيْنِهَا، وَإِنْ وَجَبَ الْكَفُّ عَنْهُمَا وَالتَّخْيِيرُ فِي التَّعْيِينِ إِلَى الْمُطَلِّقِ كَمَا لَوْ قِيلَ فِي خِصَالِ الْكَفَّارَةِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ، وَلَا يَخْفَى وَجْهُ الْحِجَاجِ مِنَ الطَّرَفَيْنِ.