الثَّانِيَةُ: أَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلْقِيَاسِ سِوَى رَدِّ الْفَرْعِ إِلَى الْأَصْلِ بِجَامِعٍ، وَقَدْ أَتَى بِهِ الْمُسْتَدِلُّ وَخَرَجَ عَنْ وَظِيفَتِهِ، فَعَلَى الْمُعْتَرِضِ الْقَدْحُ فِيهِ.
الثَّالِثَةُ: أَنَّ الْأَصْلَ أَنَّ كُلَّ مَا ثَبَتَ الْحُكْمُ عَقِيبَهُ فِي الْأَصْلِ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً، فَمَنِ ادَّعَى أَنَّ الْوَصْفَ الْجَامِعَ لَيْسَ بِعِلَّةٍ احْتَاجَ إِلَى بَيَانِهِ.
الرَّابِعَةُ: أَنَّا بَحَثْنَا فَلَمْ نَجِدْ سِوَى هَذِهِ الْعِلَّةِ، فَعَلَى الْمُعْتَرِضِ الْقَدْحُ فِيهَا أَوْ إِبْدَاءُ غَيْرِهَا.
الْخَامِسَةُ: أَنَّهُمْ قَالُوا: عَجْزُ الْمُعْتَرِضِ عَنِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ دَلِيلُ صِحَّتِهِ كَالْمُعْجِزَةِ، فَالْمَنْعُ مِنَ الصِّحَّةِ مَعَ وُجُودِ دَلِيلِ الصِّحَّةِ لَا يَكُونُ مَقْبُولًا.
السَّادِسَةُ: قَوْلُهُمْ حَاصِلُ هَذَا السُّؤَالِ يَرْجِعُ إِلَى الْمُنَازَعَةِ فِي عِلَّةِ الْأَصْلِ، وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ مُتَنَازَعًا فِيهَا لِيُتَصَوَّرَ الْخِلَافُ فِي الْفَرْعِ.
السَّابِعَةُ: أَنَّ حَاصِلَ الْقِيَاسِ يَرْجِعُ إِلَى تَشْبِيهِ الْفَرْعِ بِالْأَصْلِ وَالشُّبَهُ حُجَّةٌ، وَقَدْ تَحَقَّقَ ذَلِكَ بِمَا ذُكِرَ مِنَ الْوَصْفِ الْجَامِعِ فَلَا حَاجَةَ إِلَى إِبْدَاءِ غَيْرِهِ.
الثَّامِنَةُ: قَوْلُهُمْ هَذَا الْوَصْفُ مُطَّرِدٌ لَمْ يَتَخَلَّفْ حُكْمُهُ عَنْهُ فِي صُورَةٍ، فَكَانَ صَحِيحًا.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْأُولَى: أَنَّ التَّسَلْسُلَ مُنْقَطِعٌ بِذِكْرِ مَا يُفِيدُ أَدْنَى ظَنٍّ بِالتَّعْلِيلِ مِنَ الطُّرُقِ الَّتِي بَيَّنَّاهَا قَبْلُ، (?) فَإِنَّ الْمُطَالَبَةَ بِعِلِّيَّةِ مَا غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ كَوْنُهُ عِلَّةً بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ عِنَادًا، وَهُوَ مَرْدُودٌ إِجْمَاعًا.
وَعَنِ الثَّانِيَةِ: بِمَنْعِ تَحَقُّقِ الْقِيَاسِ بِجَامِعٍ لَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ كَوْنُهُ عِلَّةً.
وَعَنِ الثَّالِثَةِ: بِمَنْعِ أَنَّ الْأَصْلَ عِلِّيَةُ كُلِّ مَا ثَبَتَ الْحُكْمُ مَعَهُ مِنَ الْأَوْصَافِ.
وَعَنِ الرَّابِعَةِ: أَنَّ الْبَحْثَ مَعَ عَدَمِ الِاطِّلَاعِ عَلَى غَيْرِ الْوَصْفِ الْمَذْكُورِ طَرِيقٌ مِنْ طُرُقِ إِثْبَاتِ الْعِلَّةِ كَمَا سَبَقَ، (?) فَكَانَ ذَلِكَ جَوَابًا عَنْ سُؤَالِ الْمُطَالَبَةِ وَقَبُولًا لَهُ لَا أَنَّهُ رَدٌّ لَهُ.