الذي أخذ به أو أخذ بمثل الحديث أو الآية اللذين ترك ههنا وخالف ترتيب أخذه في المسائل فإن كان لم يتنبه لذلك فهو غافل معذور بالجهل فإن نبه على ذلك فتمادى على خطأه فهو فاسق لإقراره في مكان ما بأن مثل ذلك العمل الذي استعمل ههنا باطل فهو مقدم على الأخذ بما يدري أنه باطل وذلك مثل من أخذ بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قطع إلا في ربع دينار فصاعدا وترك ظاهر قول الله تعالى {ولسارق ولسارقة فقطعوا أيديهما جزآء بما كسبا نكالا من لله ولله عزيز حكيم} ثم إنه ترك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحرم الرضعة والرضعتان وأخذ بظاهر قوله عز وجل {حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم وبنات لأخ وبنات لأخت وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم وأخواتكم من لرضاعة وأمهات نسآئكم وربائبكم للاتي في حجوركم من نسآئكم للاتي دخلتم بهن فإن لم تكونوا دخلتم بهن فلا جناح عليكم وحلائل أبنائكم لذين من أصلابكم وأن تجمعوا بين لاختين إلا ما قد سلف إن لله كان غفورا رحيما}
فهذا إذا وقف على تناقض فعله وتمادى عليه فهو فاسق لأنه في أحد الموضعين مقر بأن ترك ظاهر القرآن للحديث خطأ لا يحل وفي الموضع الثاني استعمل ما أقر أنه لا يحل فهو مقدم على ما لا يجوز له بإقراره فإن علل حديث الرضعتين أريناه في حديث السارق مثل تلك العلل بعينها فإن تمادى على الأخذ بأحدهما وترك الآخر فهو فاسق متلاعب بدينه وإن ترك نصا لقياس بعد قيام الحجة عليه بإبطال القياس فهو فاسق أيضا وإن ترك نصا لقول صاحب فمن دونه فإن كان يعتقد أن عند ذلك الصاحب علما عن النبي
صلى الله عليه وسلم وقامت عليه الحجة ببطلان ذلك فتمادى ولم يتب فهو فاسق فإن كان يعتقد أن لأحد بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم أن يحرم شيئا كان حلالا إلى حين موته عليه السلام أو يحل شيئا كان حراما إلى حين موته عليه السلام أو يوجب حدا لم يكن واجبا إلى حين موته عليه السلام أو يشرع شريعة لم تكن في حياته عليه السلام فهو كافر مشرك حلال الدم والمال حكمه حكم المرتد ولا فرق وقد ظن قوم مثل هذا في المنع من بيع أمهات الأولاد وفي حل الخمر وفي إسقاط ست قراءات كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم مباحة